صفحة جزء
باب الإيصاء بما يدخله النيابة من خلافة وعتاقة ومحاكمة في نسب وغيره [ ص: 54 ] عن ابن عمر قال : حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا : جزاك الله خيرا ، فقال : راغب وراهب ، قالوا : استخلف ، فقال : أتحمل أمركم حيا وميتا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي ، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني ، يعني ، أبا بكر ، وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله : فعرفت أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف متفق عليه ) .

2534 - ( وعن عائشة : { أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة ، فقال سعد : يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني ، وقال ابن زمعة : أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبها بينه بعتبة ، فقال : هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة } رواه البخاري )

2535 - ( وعن الشريد بن سويد الثقفي : { أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : عندي جارية سوداء فقال : ائت بها ، فدعا بها فجاءت ، فقال لها : من ربك ؟ قالت : الله ، قال : من أنا قالت : أنت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة } رواه أحمد والنسائي )


حديث الشريد رواه النسائي من طريق موسى بن سعيد وهو صدوق لا بأس به ، وبقية رجاله ثقات وقد أخرجه أيضا أبو داود وابن حبان

قوله : ( فقد استخلف من هو خير مني ) استدل بهذا المصنف على جواز الوصية بالخلافة ، وقد ذهبت الأشعرية والمعتزلة إلى أن طريقها العقد والاختيار في جميع الأزمان وذهبت العترة إلى أن طريقها الدعوة ، وللكلام في هذا محل آخر قوله : ( أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف ) يعني أنه سيقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الاستخلاف ويدع الاقتداء بأبي بكر وإن كان الكل [ ص: 55 ] عنده جائز ، ولكن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في الترك أولى من الاقتداء بأبي بكر في الفعل قوله : ( وعن عائشة أن عبد بن زمعة . . . إلخ ) سيأتي الكلام على هذا الحديث في باب أن الولد للفراش إن شاء الله ، لأن المصنف رحمه اللهسيذكره هنالك وهو الموضع الذي يليق به ، وإنما ذكره ههنا للاستدلال به على جواز الإيصاء بالنيابة في دعوى النسب والمحاكمة ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على سعد بن أبي وقاص دعواه بوصاية أخيه في ذلك ، ولو كانت النيابة بالوصية في مثله غير جائزة لأنكر عليه قوله : ( وعن الشريد بن سويد . . . إلخ ) استدل به المصنف على جواز النيابة في العتق بالوصية ووجهه أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الوصية ولم يبين له أن مثل ذلك لا يجوز ، ولو كان غير جائز لبينه لما تقرر من عدم جواز تأخر البيان عن وقت الحاجة قوله : ( فقال لها : من ربك . . . إلخ ) قد اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفة الله والرسول في كون تلك الرقبة مؤمنة ، وقد ثبت مثل ذلك في عدة أحاديث : منها حديث معاوية بن الحكم السلمي عند مسلم وغيره ومنها عن رجل من الأنصار عند أحمد ومنها عن أبي هريرة عند أبي داود وعن حاطب عند أبي أحمد الغسال في كتاب السنة وعن ابن عباس عند الطبراني وغير ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية