صفحة جزء
باب الوضوء مرة ومرتين وثلاثا وكراهة ما جاوزها

213 - ( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة . } رواه الجماعة إلا مسلما ) .


[ ص: 217 ] في الباب أحاديث عن عمر وجابر وبريدة وأبي رافع وابن الفاكه وعبد الله بن عمر وعكراش بن ذؤيب المري ، فحديث عمر عند الترمذي وقال : ليس بشيء . ورواه أيضا ابن ماجه ، وحديث جابر أشار إليه الترمذي .

وحديث بريدة عند البزار . وحديث أبي رافع عند البزار أيضا .

وحديث ابن الفاكه عند البغوي في معجمه وفيه عدي بن الفضل وهو متروك .

وحديث عبد الله بن عمر أخرجه البزار .

وحديث عكراش ذكره أبو بكر الخطيب . والحديث يدل على أن الواجب من الوضوء مرة ، ولهذا اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان الواجب مرتين أو ثلاثا لما اقتصر على مرة .

قال الشيخ محيي الدين النووي : وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة ، وعلى أن الثلاث سنة ، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة ، ومرتين مرتين ، وثلاثا ثلاثا ، وبعض الأعضاء ثلاثا ، وبعضها مرتين والاختلاف دليل على جواز ذلك كله ، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ .

214 - ( وعن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ مرتين مرتين . } رواه أحمد والبخاري في الباب عن أبي هريرة وجابر ) . أما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود والترمذي وقال : حسن غريب ، وفيه عبد الله بن الفضل وقد روى له الجماعة ، ولكنه تفرد عنه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، ومن أجله كان حسنا ، قال أبو داود : لا بأس به وكان على المظالم ببغداد ، وقال علي بن المديني : لا بأس به . وكذلك قال أحمد وأبو زرعة .

وقال أبو حاتم : يشوبه شيء من القدر ، وتغير عقله في آخر حياته ، وهو مستقيم الحديث . وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال يحيى مرة : ضعيف ومرة : لا بأس به ، وفيه كلام طويل .

وأما حديث جابر فأشار إليه الترمذي ، والحديث يدل على أن التوضؤ مرتين يجوز ويجزئ ، ولا خلاف في ذلك .

215 - ( وعن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ ثلاثا ثلاثا . } رواه أحمد ومسلم ) الحديث أخرجه بهذا اللفظ الترمذي وقال : هو أحسن شيء في الباب . وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث علي عليه السلام .

وفي الباب عن الربيع وابن عمر [ ص: 218 ] وأبي أمامة وعائشة وأبي رافع . وعبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وجابر وعبد الله بن زيد وأبي .

وقد بوب البخاري للوضوء ثلاثا ، وذكر حديث عثمان الذي شرحناه في أول باب الوضوء ، وقد قدمنا أن التثليث سنة بالإجماع .

216 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : { جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم } . رواه أحمد والنسائي وابن ماجه ) . الحديث أخرجه أيضا أبو داود وابن خزيمة .

قال الحافظ : من طرق صحيحة ، وصرح في الفتح أنه صححه ابن خزيمة وغيره ، وهو في رواية أبي داود بلفظ : { فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم } بدون ذكر تعدى ، وفي النسائي بدون نقص ، وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه مقال عند المحدثين ، ولم يتعرض له من تكلم على هذا الحديث .

وفي الحديث دليل على أن مجاوزة الثلاث الغسلات من الاعتداء في الطهور . وقد أخرج أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن مغفل أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء وإن فاعله مسيء وظالم } أي أساء بترك الأولى ، وتعدى حد السنة . وظلم : أي وضع الشيء في غير موضعه . وقد أشكل ما في رواية أبي داود من زيادة لفظ ( أو نقص ) على جماعة . قال الحافظ في التلخيص : تنبيه : يجوز أن تكون الإساءة والظلم وغيرهما مما ذكر مجموعا لمن نقص ولمن زاد ، ويجوز أن يكون على التوزيع ، فالإساءة في النقص والظلم في الزيادة ، وهذا أشبه بالقواعد ، والأول أشبه بظاهر السياق ، والله أعلم . انتهى .

ويمكن توجيه الظلم في النقصان بأنه ظلم نفسه بما فوتها من الثواب الذي يحصل بالتثليث ، وكذلك الإساءة لأن تارك السنة مسيء وأما الاعتداء في النقصان فمشكل فلا بد من توجيههم إلى الزيادة ، ولهذا لم يجتمع ذكر الاعتداء والنقصان في شيء من روايات الحديث ، ولا خلاف في كراهة الزيادة على الثلاث . قال ابن المبارك : لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم . وقال أحمد وإسحاق : لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية