صفحة جزء
باب الولاء هل يورث أو يورث به [ ص: 85 ] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : { تزوج رياب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجمحية ، فولدت له ثلاثة ، فتوفيت أمهم ، فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها ، فخرج بهم عمرو بن العاص معه إلى الشام ، فماتوا في طاعون عمواس ، فورثهم عمرو وكان عصبتهم ; فلما رجع عمرو وجاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم إلى عمر بن الخطاب ، فقال : أقضي بينكم بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان ، فقضى لنا به ، وكتب لنا كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت } رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه . ولأحمد وسطه من قوله : فلما رجع عمرو ، وجاء بنو معمر إلى قوله فقضى لنا به قال أحمد في رواية ابنه صالح : حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان } هكذا يرويه عمرو بن شعيب وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا : الولاء للكبر فهذا الذي نذهب إليه ، وهو قول أكثر الناس فيما بلغنا )


الحديث أخرجه أيضا النسائي مسندا ومرسلا ، وصححه ابن المديني وابن عبد البر ، وزاد أبو داود بعد قوله وزيد بن ثابت " ورجل آخر ، فلما استخلف عبد الملك اختصموا إلى هشام بن إسماعيل ، أو إلى إسماعيل بن هشام ، فرفعهم إلى عبد الملك ، فقال : هذا من القضاء الذي ما كنت أراه ، قال : فقضى لنا بكتاب عمر بن الخطاب فنحن فيه إلى الساعة " وأثر عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أخرجه أيضا عبد الرزاق والبيهقي وسعيد بن منصور

قوله : ( رياب ) بكسر المهملة وبعدها ياء مثناة تحتية وبعد الألف باء موحدة وذكره صاحب القاموس في مادة المهموز قوله ( : عمواس ) هي قرية بين الرملة وبيت المقدس قوله : ( إنهم قالوا : الولاء للكبر . . . إلخ ) أراد أحمد بن حنبل أن مذهب الجمهور يقتضي أن ولاء عتقاء أم وائل بنت معمر يكون لإخوتها دون بنيها كما هو مذهب الجمهور ، ذكر معنى ذلك في نهاية المجتهد وحديث عمر وفعله يقتضي تقديم البنين ثم رده إلى الإخوة بعدهم ، وهو مذهب شريح وجماعة وحجتهم ظاهر خبر عمر ، لأن البنين عصبتها ، ولما كان عمرو بن العاص ليس بعصبة لها رد الولاء إلى إخوتها لأنهم عصبتها

وفي ذلك دلالة على أن الولاء لا يورث وإلا لكان عمرو أحق به منهم قال [ ص: 86 ] في البحر : مسألة : الأكثر ولا يورث : يعني الولاء بل تختص العصبات للخبر العترة والفريقان ، ولا يعصب فيه ذكر أنثى فيختص به ذكور أولاد المعتق وإخوته ، إذ قد ثبت أن الأعمام لا يعصبون لضعفهم ، والولاء ضعيف ، فلم يقع فيه تعصيب بحال شريح وطاوس ، بل يورث ويعصبون لقوله صلى الله عليه وسلم : " كلحمة النسب " قلت : مخصص بالقياس وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورث " انتهى ، ومراده بالقياس القياس على عدم تعصيب الأعمام لأخواتهم ، ومعنى كون الولاء للكبر أنها لا تجري فيه قواعد الميراث ، وإنما يختص بإرثه الكبر من أولاد المعتق أو غيرهم ، فإذا خلف رجل ولدين وقد كان أعتق عبدا فمات أحد الولدين وخلف ولدا ثم مات العتيق اختص بولائه ابن المعتق دون ابن ابنه ، وكذلك لو أعتق رجل عبدا ثم مات وترك أخوين ثم مات أحدهما ، وترك ابنا ثم مات المعتق فميراثه لأخي المعتق دون ابن أخيه

ووجه الاستدلال بما روي عن هؤلاء الصحابة أنهم لا يخالفون التوريث إلا توقيفا

التالي السابق


الخدمات العلمية