صفحة جزء
باب ما يقول إذا فرغ من وضوئه

217 - ( عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما [ ص: 219 ] منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود . ولأحمد وأبي داود في رواية ، { من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء فقال } . وساق الحديث ) .


رواية أحمد وأبي داود في إسنادها رجل مجهول ، والحديث أخرجه أيضا الترمذي بزيادة : { اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين } لكن قال الترمذي : وفي إسناده اضطراب ولا يصح فيه كثير شيء . قال الحافظ : رواية مسلم سالمة عن هذا الاعتراض ، والزيادة التي عند الترمذي رواها البزار والطبراني في الأوسط .

وأخرج الحديث أيضا ابن حبان . وأخرجه ابن ماجه من حديث أنس ، وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة بعد قوله : ( من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ) والحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد وزاد ( كتبت في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة ) ، واختلف في رفعه ووقفه ، وصحح النسائي الموقوف ، وضعف الحازمي الرواية المرفوعة ، لأن الطبراني قال في الأوسط : لم يرفعه عن شعبة إلا يحيى بن كثير . قال الحافظ : ورواه أبو إسحاق المزكي في الجزء الثاني من تخريج الدارقطني له من طريق روح بن القاسم عن شعبة ، وقال : تفرد به عيسى بن شعيب عن روح بن القاسم ، ورجح الدارقطني في العلل الرواية الموقوفة .

قال النووي في الأذكار : حديث أبي سعيد هذا ضعيف الإسناد موقوفا ومرفوعا . قال الحافظ : أما المرفوع فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ ، وأما الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته ، ورجاله من رجال الصحيحين فلا معنى لحكمه عليه بالضعف .

والحديث يدل على استحباب الدعاء المذكور ، ولم يصح من أحاديث الدعاء في الوضوء غيره . وأما ما ذكره أصحابنا والشافعية في كتبهم من الدعاء عند كل عضو كقولهم : يقال عند غسل الوجه : اللهم بيض وجهي . . . إلخ فقال الرافعي وغيره : ورد بهذه الدعوات الأثر عن الصالحين . وقال النووي في الروضة : هذا الدعاء لا أصل له .

وقال ابن الصلاح : لا يصح فيه حديث ، وقال الحافظ : روي فيه من طرق ثلاث عن علي ضعيفة جدا ، أوردها المستغفري في الدعوات ، وابن عساكر في أماليه ، وهو من رواية أحمد بن مصعب المروزي عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني عن أبي إسحاق السبيعي عن علي وفي إسناده من لا يعرف ، ورواه صاحب مسند الفردوس من طريق أبي زرعة الراوي عن أحمد بن عبد الله بن داود ، وساقه بإسناده إلى علي ، ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس نحو هذا ، وفيه عباد بن صهيب وهو [ ص: 220 ] متروك ، ورواه المستغفري أيضا من حديث البراء بن عازب وأنس بطوله ، وإسناده واه ، ولكنه وثق عبادا يحيى بن معين ، ونفى عنه الكذب أحمد بن حنبل ، وصدقه أبو داود ، وتركه الباقون .

قال ابن القيم في الهدي : ولم يحفظ عنه أنه كان يقول : على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته ولا يثبت عنه غير التسمية في أوله . وقوله : { أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين } في آخره .

التالي السابق


الخدمات العلمية