صفحة جزء
باب الموالاة في الوضوء

218 - ( عن خالد بن معدان ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي في ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء . } رواه أحمد وأبو داود ، وزاد : " والصلاة " ، قال الأثرم قلت لأحمد : هذا إسناده جيد ؟ ، قال : جيد ) .

219 - ( وعن عمر بن الخطاب ، { أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه ، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فأحسن وضوءك ، قال : فرجع فتوضأ ثم صلى } . رواه أحمد ومسلم ولم يذكر فتوضأ ) .


الحديث الأول أعله المنذري ببقية بن الوليد وقال عن بجير وهو ضعيف إذا عنعن لتدليسه وفي المستدرك تصريح بقية بالتحديث ، وقال ابن القطان والبيهقي : هو مرسل ، وقال الحافظ : فيه بحث وكأن البحث في ذلك من جهة أن خالد بن معدان لم يرسله بل قال عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فوصله ، وجهالة الصحابي غير قادحة . وتمام كلام الأثرم وبقية الكلام على الحديث أسلفناها في باب غسل الرجلين ، وحديث عمر قد قدمنا الكلام عليه في ذلك الباب أيضا .

وفي الباب عن أنس مرفوعا عند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن خزيمة والدارقطني ، وقد تقدم لفظه هنالك أيضا . والحديث الأول يدل على وجوب إعادة الوضوء من أوله على من ترك من غسل أعضائه مثل ذلك المقدار . والحديث الثاني لا يدل على وجوب الإعادة لأنه أمره فيه بالإحسان لا بالإعادة ، والإحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو . وكذلك حديث أنس لم يأمر فيه بسوى الإحسان .

فالحديث [ ص: 221 ] الأول يدل على مذهب من قال بوجوب الموالاة ; لأن الأمر بالإعادة للوضوء كاملا للإخلال بها بترك اللمعة وهو الأوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي في قول له . والحديث الثاني وحديث أنس السابق يدلان على مذهب من قال بعدم الوجوب وهم العترة وأبو حنيفة والشافعي في قول له ، والتمسك بوجوب الموالاة بحديث ابن عمر وأبي بن كعب أنه صلى الله عليه وسلم { توضأ على الولاء وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به } أظهر من التمسك بما ذكره المصنف في الباب لولا أنه غير صالح للاحتجاج كما عرفناك في شرح حديث عثمان لا سيما زيادة قوله : ( لا يقبل الله الصلاة إلا به ) .

وقد روي بلفظ : ( هذا الذي افترض الله عليكم ) بعد أن توضأ مرة ولكنه قال ابن أبي حاتم سألت : أبا زرعة عن هذا الحديث فقال : حديث واه منكر ضعيف وقال مرة : لا أصل له وامتنع من قراءته . ورواه الدارقطني في غرائب مالك . قال الحافظ : ولم يروه مالك قط وروي بلفظ ( هذا وضوء لا يقبل الله غيره ) أخرجه ابن السكن في صحيحه من حديث أنس .

وقد أجيب عن الحديث على تسليم صلاحيته للاحتجاج بأن الإشارة هي إلى ذات الفعل مجردة عن الهيئة والزمان وإلا لزم وجوبهما ولم يقل به أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية