صفحة جزء
باب ما جاء في الزوجين يوكلان واحدا في العقد 2684 - ( عن عقبة بن عامر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : أترضى أن أزوجك [ ص: 158 ] فلانة ؟ قال : نعم ، وقال للمرأة : أترضين أن أزوجك فلانا ؟ قالت : نعم ; فزوج أحدهما صاحبه ، فدخل بها ولم يفرض لها صداقا ولم يعطها شيئا ، وكان ممن شهد الحديبية ، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر ; فلما حضرته الوفاة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقا ولم أعطها شيئا ، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر ، فأخذت سهمه فباعته بمائة ألف } رواه أبو داود .

وقال عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم بنت قارظ : أتجعلين أمرك إلي ؟ قالت : نعم ، قال : فقد تزوجتك ذكره البخاري في صحيحه ، وهو يدل على أن مذهب عبد الرحمن أن من وكل في تزويج أو بيع فله أن يبيع ويزوج من نفسه ، وأن يتولى ذلك بلفظ واحد )


حديث عقبة بن عامر سكت عنه أبو داود والمنذري ، وفي إسناده عبد العزيز بن يحيى صدوق يهم .

وأثر عبد الرحمن ذكره البخاري معلقا ووصله ابن سعد من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف : " إنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيت ، قال : وتجعلين ذلك إلي ؟ فقالت : نعم ، قال : قد تزوجتك ، قال ابن أبي ذئب : فجاز نكاحه " وقد ذكر ابن سعد أم حكيم المذكورة في النساء اللواتي لم يدركن النبي صلى الله عليه وسلم وروين عن أزواجه ، وهي بنت قارظ بن خالد بن عبيد حليف بني زهرة

وقد استدل بحديث عقبة من قال : إنه يجوز أن يتولى طرفي العقد واحد ، وهو مروي عن الأوزاعي وربيعة والثوري ومالك وأبي حنيفة وأكثر أصحابه والليث والهادوية وأبي ثور وحكي في البحر عن الناصر والشافعي وزفر أنه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم : { كل نكاح ولا يحضره أربعة } وقد تقدم وأجيب بأنه أراد : أو من يقوم مقامهم قال في الفتح : وعن مالك ، لو قالت الثيب لوليها : زوجني بمن رأيت فزوجها من نفسه أو ممن اختار لزمها ذلك ولو لم تعلم عين الزوج

وقال الشافعي : يزوجه السلطان أو ولي آخر مثله أو أبعد منه ووافقه زفر وداود وحجتهم أن الولاية شرط في العقد ، فلا يكون الناكح منكحا كما لا يبيع من نفسه وروى البخاري عن المغيرة تعليقا أنه خطب امرأة هو أولى الناس بها فأمر رجلا فزوجه ، ووصل الأثر وكيع في مصنفه وللبيهقي من طريقه عن الثوري عن عبد الملك بن عمير أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة هو وليها ، فجعل أمرها إلى رجل ، المغيرة أولى منه ، فزوجه وأخرجه عبد الرزاق عن الثوري وقال فيه : فأمر أبعد منه فزوجه وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي

ولفظه : " إن المغيرة خطب بنت عمه عروة بن مسعود ، فأرسل إلى [ ص: 159 ] عبد الله بن أبي عقيل فقال : زوجنيها ، فقال : ما كنت لأفعل أنت أمير البلد وابن عمها ، فأرسل المغيرة إلى عثمان بن أبي العاص فزوجها منه " والمغيرة هو ابن شعبة بن مسعود من ولد عوف بن ثقيف فهي بنت عمه ، وعبد الله بن أبي عقيل هو ابن عمها أيضا لأن جده هو مسعود المذكور وأما عثمان بن أبي العاص فهو وإن كان ثقفيا لكنه لا يجتمع معهم إلا في جدهم الأعلى ثقيف لأنه من ولد جشم بن ثقيف

وقد استدل محمد بن الحسن على الجواز بأن الله لما عاتب الأولياء في تزويج من كانت من أهل المال والجمال بدون صداقها ، وعاتبهم على ترك تزويج من كانت قليلة المال والجمال دل على أن الولي يصح منه تزويجها من نفسه ، إذ لا يعاتب أحدا على ترك ما هو حرام عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية