صفحة جزء
باب من أسلم وتحته أختان أو أكثر من أربع 2722 - ( عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال : { أسلمت وعندي امرأتان أختان ، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما } رواه الخمسة إلا النسائي وفي لفظ الترمذي [ ص: 190 ] اختر أيتهما شئت " وعن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : { أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية ، فأسلمن معه ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا } رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وزاد أحمد في رواية : فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر ، فقال : إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ، ولعلك لا تمكث إلا قليلا ، وايم الله لتراجعن نساءك ولتراجعن مالك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك أن يرجم كما رجم قبر أبي رغال قوله : لتراجعن نساءك دليل على أنه كان رجعيا ، وهو يدل على أن الرجعية ترث وإن انقضت عدتها في المرض وإلا فنفس الطلاق الرجعي لا يقطع ليتخذ حيلة في المرض )


حديث الضحاك أخرجه أيضا الشافعي وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي وحسنه الترمذي وأعله البخاري والعقيلي وفي الباب عن أم حبيبة عند الشيخين : { أنها عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح أختها ، فقال : لا تحل لي } .

وحديث ابن عمر أخرجه أيضا الشافعي عن الثقة عن معمر عن الزهري بإسناده المذكور وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه قال البزار : جوده معمر بالبصرة وأفسده باليمن فأرسله وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال : هذا الحديث غير محفوظ قال البخاري

: وأما حديث الزهري عن سالم عن أبيه فإنما هو " أن رجلا من ثقيف طلق نساءه ، فقال له عمر : لتراجعن نساءك أو لأرجمنك " وحكم أبو حاتم وأبو زرعة بأن المرسل أصح وحكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة قال : فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة ، وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي بظاهر الحكم فأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة عنه قال الحافظ : ولا يفيد ذلك شيئا ، فإن هؤلاء كلهم إنما سمعوا منه بالبصرة ; وعلى تقدير أنهم سمعوا منه بغيرها فحديثه الذي حدث به في غير بلده مضطرب لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة ; وأما إذا رحل فحدث من حفظه بأشياء وهم فيها ، اتفق على ذلك أهل العلم كابن المديني والبخاري وابن أبي حاتم ويعقوب بن شيبة وغيرهم وحكى الأثرم عن أحمد أن هذا الحديث ليس بصحيح ، والعمل عليه ، وأعله بتفرد معمر في وصله وتحديثه به في غير بلده وقال ابن عبد البر : طرقه كلها معلولة وقد أطال الدارقطني في العلل تخريج طرقه ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهري مرسلا ورواه عبد الرزاق عن معمر كذلك ، وقد وافق معمرا على وصله بحر كنيز السقاء عن الزهري [ ص: 191 ] ولكنه ضعيف وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك ، ويحيى ضعيف وأما الزيادة التي رواها أحمد عن عمر فأخرجها أيضا النسائي والدارقطني قال الحافظ : وإسناده ثقات ، وهذا الموقوف على عمر هو الذي حكم البخاري بصحته وفي الباب عن قيس بن الحارث أو الحارث بن قيس

، وقد تقدم في باب العدد المباح للحر ، وتقدم الكلام في تحريم الزيادة على الأربع هنالك فليرجع إليه وحديث الضحاك استدل به على تحريم الجمع بين الأختين ، ولا أعرف في ذلك خلافا وهو نص القرآن ، قال الله تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } فإذا أسلم كافر وعنده أختان أجبر على تطليق إحداهما ، وفي ترك استفصاله عن المتقدمة منهما من المتأخرة دليل على أنه يحكم لعقود الكفار بالصحة وإن لم توافق الإسلام ، فإذا أسلموا أجرينا عليهم في الأنكحة أحكام المسلمين وقد ذهب إلى هذا مالك والشافعي وأحمد وداود

وذهبت العترة وأبو حنيفة وأبو يوسف والثوري والأوزاعي والزهري وأحد قولي الشافعي إلى أنه لا يقر من أنكحة الكفار إلا ما وافق الإسلام فيقولون : إذا أسلم الكافر وتحته أختان ، وجب عليه إرسال من تأخر عقدها ، وكذلك إذا كان تحته أكثر من خمس ، أمسك من تقدم العقد عليها منهن وأرسل من تأخر عقدها إذا كانت خامسة أو نحو ذلك ، وإذا وقع العقد على الأختين أو على أكثر من أربع مرة واحدة بطل وأمسك من شاء من الأختين وأرسل من شاء وأمسك أربعا من الزوجات يختارهن ويرسل الباقيات

والظاهر ما قاله الأولون لتركه صلى الله عليه وسلم للاستفصال في حديث الضحاك وحديث غيلان ، ولما في قوله " اختر أيتهما " قال في القاموس في فصل الراء من باب اللام : وأبو رغال ككتاب - في سنن أبي داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال : هذا قبر أبي رغال ، وهو أبو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه } الحديث وقول الجوهري : كان دليلا للحبشة حين توجهوا إلى مكة فمات في الطريق . غير معتد به ، وكذا قول ابن سيده : كان عبدا لشعيب وكان عشارا جائرا انتهى . قوله : ( لتراجعن نساءك ) يمكن أن يكون المراد بهذه المراجعة : المراجعة اللغوية ، أعني إرجاعهن إلى نكاحه وعدم الاعتداد بذلك الطلاق الواقع كما ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم فيمن طلق زوجته أو زوجاته مريدا لإبطال ميراثهن منه أنه لا يقع الطلاق ولا يصح

وقد جعل ذلك أئمة الأصول قسما من أقسام المناسب ، وجعلوا هذه الصورة مثالا له ، والمصنف رحمه اللهلما فهم أن الرجعة هي الاصطلاحية ، أعني الوقعة بعد طلاق رجعي معتد به جعل ذلك الطلاق الواقع منه رجعيا ثم ذكر أن الرجعية ترث وإن انقضت عدتها فأردف الإشكال بإشكال

التالي السابق


الخدمات العلمية