صفحة جزء
باب الدف واللهو في النكاح 2766 - ( عن محمد بن حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح } رواه الخمسة إلا أبا داود ) .

2767 - ( وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال } رواه ابن ماجه ) .

2768 - ( وعن عائشة : أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { يا عائشة ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو } رواه أحمد والبخاري ) .

2769 - ( وعن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي حسن : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف ويقال : أتيناكم أتيناكم ، فحيونا نحييكم } رواه عبد الله بن أحمد في المسند ) .

2770 - ( وعن ابن عباس قال : أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { أهديتم الفتاة ؟ قالوا : نعم ، قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأنصار قوم فيها غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم } رواه ابن ماجه ) .

[ ص: 223 ] وعن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت : { دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي ، فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويرات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائي يوم بدر ، حتى قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي كما كنت تقولين } رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي ) .


حديث محمد بن حاطب حسنه الترمذي . قال : ومحمد بن حاطب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير ، وأخرجه الحاكم . وحديث عائشة في إسناده خالد بن إلياس وهو متروك . وقد أخرجه أيضا الترمذي بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف } قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث ، وعيسى بن ميمون الذي يروي عن أبي نجيح هو ثقة انتهى . وقد روى الترمذي هذا الحديث من طريق الأول وأخرجه أيضا البيهقي وفي إسناده خالد بن إلياس وهو منكر الحديث .

وحديث عمرو بن يحيى سياقه في سنن ابن ماجه هكذا ، حدثنا إسحاق بن منصور ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس فذكره . والأجلح وثقه ابن معين العجلي وضعفه النسائي ، وبقية رجال الإسناد رجال الصحيح يشهد له حديث ابن عباس المذكور .

وحديث ابن عباس في إسناده الحسين بن عبد الله بن ضميرة . قال في مجمع الزوائد : وهو متروك . وأخرجه أيضا الطبراني وأبو الشيخ .

وفي الباب عن عامر بن سعد قال : { دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يغنين ، فقلت : أي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بدر يفعل هذا عندكم ، فقالا : اجلس إن شئت فاستمع معنا ، وإن شئت فاذهب ، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس } أخرجه النسائي والحاكم وصححه .

وأخرج الطبراني من حديث السائب بن يزيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ذلك " . قوله : ( الدف والصوت ) أي ضرب الدف ورفع الصوت .

وفي ذلك دليل على أنه يجوز في النكاح ضرب الأدفاف ورفع الأصوات بشيء من الكلام نحو :

أتيناكم أتيناكم

ونحوه ، لا بالأغاني المهيجة للشرور المشتملة على وصف الجمال والفجور ومعاقرة الخمور ، فإن ذلك يحرم في النكاح كما يحرم غيره ، وكذلك سائر الملاهي المحرمة . قال في البحر : الأكثر : وما يحرم من الملاهي في غير النكاح يحرم فيه لعموم النهي . النخعي وغيره : يباح في النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : { واضربوا عليه بالدفوف } فيقاس المزمار وغيره .

قال : قلنا : هذا لا ينافي [ ص: 224 ] عموم قوله صلى الله عليه وسلم : { إنما نهيت عن صوتين أحمقين } الخبر ونحوه فيحمل على ضربة غير ملهية . قال الإمام يحيى : دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار ، له صوت يطرب لحلاوة نغمته ، وهذا الإشكال في تحريمه وتعلق النهي به . وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه وطوله إلى أربعة أشبار ، فهو الذي أراده صلى الله عليه وسلم لأنه المعهود حينئذ . وقد حكى أبو طالب عن الهادي أنه محرم أيضا إذ هو آلة لهو . وحكى المؤيد بالله عن الهادي أنه يكره فقط وهو الذي في الأحكام .

وقال أبو العباس وأبو حنيفة وأصحابه : بل مباح لقوله صلى الله عليه وسلم : { واضربوا عليه بالدفوف } وهذا هو الظاهر للأحاديث المذكورة في الباب بل لا يبعد أن يكون ذلك مندوبا ; ولأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله : { أعلنوا هذا النكاح } الحديث ، ويؤيد ذلك ما في حديث المازني المذكور : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف } . قوله : ما كان معكم لهو قال في الفتح في رواية شريك : { فقال : هل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني ؟ قلت : تقول ماذا ؟ قال : تقول :

أتيناكم أتيناكم     فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم     ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم

} قوله : ( بني علي ) أي تزوج بي . قوله : ( كمجلسك ) بكسر اللام : أي مكانك . قال الكرماني : هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب ، أو كان قبل نزول آية الحجاب أو عند الأمن من الفتنة .

قال الحافظ : والذي صح لنا بالأدلة القوية أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها . قال الكرماني : ويجوز أن تكون الرواية : كمجلسك ، بفتح اللام . قوله : ( يندبن ) من الندبة بضم النون : وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه . قال المهلب : وفي هذا الحديث إعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح ، وفيه إقبال الإمام إلى العرس وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد المباح ، وسيأتي الكلام في الغناء وآلات الملاهي مبسوطا في أبواب السبق إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية