صفحة جزء
باب ما يكره من تزين النساء به وما لا يكره 2774 - ( عن أسماء بنت أبي بكر قالت : { أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عريسا ، وإنه أصابها حصبة فتمرق شعرها أفأصله ؟ فقال رسول الله [ ص: 226 ] صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة } متفق عليه . ومتفق على مثله من حديث عائشة ) .

2775 - ( وعن ابن عمر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة } ) .

2776 - ( وعن ابن مسعود أنه قال : { لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى ، وقال : ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم } ) . 2777 -

( وعن معاوية { أنه قال ، وتناول قصة من شعر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول : إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم } . متفق عليهن ) .

2778 - ( وعن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زورا } رواه أحمد .

وفي لفظ { أيما امرأة زادت في شعرها شعرا ليس منه ، فإنه زور تزيد فيه } رواه النسائي ومعناه متفق عليه ) .

2779 - ( وعن ابن مسعود قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء } ) .

2780 - ( وعن عائشة قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة ، والواشمة والموشومة ، والواصلة والموصولة } . رواهما أحمد . والنامصة : ناتفة الشعر من الوجه . والواشرة : التي تشر الأسنان حتى تكون لها أشر : أي تحدد ورقة تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالحديثة السن . والواشمة : التي تغرز من اليد بإبرة ظهر الكف والمعصم ، ثم تحشي بالكحل أو بالنؤور : وهو دخان الشحم حتى يخضر . والمتنمصة والمؤتشرة [ ص: 227 ] والمستوشمة : اللاتي يفعل بهن ذلك بإذنهن . وأما القاشرة والمقشورة ، فقال أبو عبيد : نراه أراد هذه الغمرة التي يعالج بها النساء وجوههن حتى ينسحق أعلى الجلد ويبدو ما تحته من البشرة وهو شبيه بما جاء في النامصة ) .


حديث عائشة الثاني قال في مجمع الزوائد : وفيه من لم أعرفه من النساء .

وفي الباب عن ابن عباس قال : { لعنت الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والواشمة والمستوشمة من غير داء } أخرجه أبو داود .

وعن جابر عند مسلم : { زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصل شعرها بشيء } وعن معقل بن يسار عند أحمد والطبراني . وعن أبي أمامة عند الطبراني بإسناد صحيح . وعن ابن عباس أيضا حديث آخر عند الطبراني . قوله : ( عريسا ) بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء المكسورة تصغير عروس ، والعروس يقع على المرأة والرجل في وقت الدخول . قوله : ( حصبة ) بفتح الحاء وإسكان الصاد المهملتين ، ويقال أيضا بفتح الصاد وكسرها ثلاث لغات حكاهن جماعة ، والإسكان أشهر : وهي بثر تخرج في الجلد تقول منه : حصب جلده ، بكسر الصاد يحصب .

قوله : ( فتمرق ) بالراء المهملة بمعنى تساقط ، هكذا حكى القاضي عياض في المشارق عن جمهور الرواة ، وحكي عن جماعة من رواة صحيح مسلم أنه بالزاي . قال : وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول ولكنه لا يستعمل في الشعر في حال المرض . قوله : ( الواصلة ) هي التي تصل شعر امرأة بشعر امرأة أخرى لتكثر به شعر المرأة . والمستوصلة : هي التي تستدعي أن يفعل بها ذلك ، ويقال لها : موصولة ، كما في الرواية الأخرى . والواشمة : فاعلة الوشم : وهو أن يغرز في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو النؤور فيخضر ذلك الموضع وهو مما تستحسنه الفساق ، والنؤور الذي ذكره المصنف قال المصنف : قال في القاموس كصبور : وهو دخان الشحم كما ذكر ، وقد يطلق على أشياء أخر كما في القاموس ، وقد يكون الوشم بدارات ونقوش ، وقد يكثر وقد يقل ، والوصل حرام لأن اللعن لا يكون على أمر غير محرم . قال النووي : وهذا هو الظاهر المختار قال : وقد فصله أصحابنا فقالوا : إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف ، وسواء كان شعر رجل أو امرأة ، وسواء ، شعر المحرم والزوج وغيرهما بلا خلاف لعموم الأدلة ; ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته ، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه ، وإن وصلته بشعر آدمي فإن كان شعرا نجسا وهو شعر الميتة وشعر ما لا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا للحديث ; ولأنها حمل نجاسة في صلاتها وغيرها عمدا ، وسواء في هذين النوعين المزوجة وغيرها من النساء [ ص: 228 ] والرجال . وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا ، وإن كان فثلاثة أوجه : أحدها : لا يجوز لظاهر الأحاديث والثاني : يجوز ، وأصحها عندهم : إن فعلته بإذن الزوج أو السيد جاز وإلا فهو حرام انتهى . وقال القاضي عياض : اختلف العلماء في المسألة ، فقال مالك والطبري وكثيرون أو الأكثرون : الوصل ممنوع بكل شيء ، سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق . واحتجوا بحديث جابر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا } . وقال الليث بن سعد : النهي مختص بالوصل بالشعر ، ولا بأس بوصله بصوف وخرق وغيرهما .

وقال الإمام المهدي : إن وصل شعر النساء . بشعر الغنم لا وجه لتحريمه . ويرده عموم حديث جابر المذكور فإنه شامل للشعر والصوف والوبر وغيرها . وحكى النووي عن عائشة أنه يجوز الوصل مطلقا ، قال : ولا يصح عنها بل الصحيح عنها كقول الجمهور . قال القاضي عياض : فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لأنه ليس بوصل ولا هو في معنى مقصود الوصل ، وإنما هو للتجمل والتحسين . ويجاب بأن تخصيص عموم حديث جابر لا يكون إلا بدليل ، فما هو ؟ وذهبت الهادوية إلى جواز الوصل بشعر المحرم . ويجاب بأن تحريم مطلق الوصل يستلزم تحريم الوصل بشعر المحرم .

وكذلك عموم حديث جابر وحديث معاوية . وقال الإمام يحيى : إنما يحرم غير ذوات الأزواج . ويجاب عنه بحديث أسماء المذكور فإنه مصرح بأن الوصل فيه للعروس ولم يجزه صلى الله عليه وسلم . وأما الوشم فهو حرام أيضا لما تقدم . قال أصحاب الشافعي : هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا ، فإن أمكن إزالته بالعلاج وجب إزالته ، وإن لم يمكن إلا بالجرح ، فإن خافت منه التلف أو فوات عضو أو منفعته أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته ، وإذا تابت لم يبق عليها إثم ، وإن لم تخف شيئا من ذلك ونحوه لزمها إزالته ، وتعصي بتأخيره وسواء في هذا كله الرجل والمرأة . قوله : ( " والمتنمصات " ) بالتاء الفوقية ثم النون ثم الصاد المهملة جمع متنمصة ، وهذه التي تستدعي نتف الشعر من وجهها ، ويروى بتقديم النون على التاء . قال النووي : والمشهور تأخيرها ، والنامصة : المزيلة له من نفسها أو من غيرها وهو حرام .

قال النووي وغيره : إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل تستحب . وقال ابن جرير . لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها . قوله : ( والمتفلجات " ) بالفاء والجيم جمع متفلجة ، وهي التي تبرد ما بين أسنان الثنايا والرباعيات وهو من الفلج بفتح الفاء واللام : وهو الفرجة بين الثنايا والرباعيات ، تفعل ذلك العجوز ومن قاربها في السن إظهارا للصغر وحسن الأسنان ; لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغيرات ، فإذا عجزت المرأة كبرت سنها فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر وتوهم كونها صغيرة . [ ص: 229 ] قال النووي : ويقال له : الوشر ، وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها . قوله : ( " قصة " ) بضم القاف وتشديد الصاد المهملة وهو القطعة من الشعر من قصصت الشعر : أي قطعته . قال الأصمعي وغيره : هو شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة . وقيل : شعر الناصية

قوله : ( " عن مثل هذه " ) أي عن التزين بمثل هذه القصة من الشعر . قوله : ( إنما هلكت بنو إسرائيل . . . إلخ ) هذا تهديد شديد لأن كون مثل هذا الذنب كان سببا لهلاك مثل تلك الأمة يدل على أنه من أشد الذنوب . قال القاضي عياض : قيل : يحتمل أنه كان محرما عليهم فعوقبوا لاستعماله وهلكوا بسببه . وقيل : يحتمل أن ذلك الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصي ، فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا ، وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر ، انتهى .

قوله : ( إلا من داء ) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداء وعلة فإنه ليس بمحرم ، وظاهر قوله : { المغيرات خلق الله } أنه لا يجوز تغيير شيء من الخلقة عن الصفة التي عليها . قال أبو جعفر الطبري : في هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء مما خلق الله المرأة عليه بزيادة أو نقص ، التماسا للتحسين لزوج أو غيره ، كما لو كان لها سن زائدة أو عضو زائد فلا يجوز لها قطعه ولا نزعه لأنه من تغيير خلق الله ، وهكذا لو كان لها أسنان طوال فأرادت تقطيع أطرافها ، وهكذا قال القاضي عياض وزاد : إلا أن تكون هذه الزوائد مؤلمة وتتضرر بها فلا بأس بنزعها ، قيل : وهذا إنما هو التغيير الذي يكون باقيا ، فأما ما لا يكون باقيا كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء .

قوله : ( هذه الغمرة ) بفتح الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء : طلاء من الورس .

وفي القاموس : في مادة الغمر ، وبالضم : الزعفران كالغمرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية