صفحة جزء
باب نهي الزوجين عن التحدث بما يجري حال الوقاع 2795 - ( عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها } رواه أحمد ومسلم ) .

2796 - ( وعن أبي هريرة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ، فلما سلم أقبل عليهم بوجهه فقال : مجالسكم ، هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه وأرخى ستره ، ثم يخرج فيحدث فيقول : فعلت بأهلي كذا وفعلت بأهلي كذا ؟ فسكتوا ، فأقبل على النساء فقال : هل منكن من تحدث فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت ، ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع كلامها ، فقالت : إي والله إنهم يتحدثون وإنهن ليتحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟ إن مثل من فعل ذلك ، مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبه بالسكة فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه } رواه أحمد وأبو داود . ولأحمد نحوه من حديث أسماء بنت يزيد ) .


حديث أبي هريرة أخرجه أيضا النسائي والترمذي وحسنه وقال : إلا أن الطفاوي لا [ ص: 237 ] نعرفه إلا في هذا الحديث ولا نعرف اسمه . وقال أبو الفضل محمد بن طاهر : والطفاوي مجهول . وقد رواه أبو داود من طريقه ، فقال : عن أبي نضرة قال : حدثني شيخ من طفاوة . قوله : ( إن من شر الناس ) لفظ مسلم " أشر " قال القاضي عياض : وأهل النحو يقولون : لا يجوز أشر وأخير ، وإنما يقال : هو خير منه وشر منه . قال : وقد جاءت الأحاديث الصحيحة باللغتين جميعا ، وهي حجة في جواز الجميع . قوله : ( كعاب ) على وزن سحاب : وهي الجارية المكعب . والحديثان يدلان على تحريم إفشاء أحد الزوجين لما يقع بينهما من أمور الجماع ، وذلك لأن كون الفاعل من أشر الناس .

وكونه بمنزلة شيطان لقي شيطانة فقضى حاجته منها والناس ينظرون من أعظم الأدلة الدالة على تحريم نشر أحد الزوجين للأسرار الواقعة بينهما الراجعة إلى الوطء ومقدماته ، فإن مجرد فعل المكروه لا يصير به فاعله من الأشرار فضلا عن كونه من شرهم .

وكذلك الجماع بمرأى من الناس لا شك في تحريمه ، وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الرجل ، فجعل الزجر المذكور خاصا به ولم يتعرض للمرأة ; لأن وقوع ذلك الأمر في الغالب من الرجال . قيل : وهذا التحريم إنما هو في نشر أمور الاستمتاع ووصف التفاصيل الراجعة إلى الجماع وإفشاء ما يجري من المرأة من قول أو فعل حالة الوقاع . وأما مجرد ذكر نفس الجماع ، فإن لم يكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنه خلاف المروءة ومن التكلم بما لا يعني ، { ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } . وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت } فإن كان إليه حاجة أو ترتبت عليه فائدة فلا كراهة في ذكره وذلك نحو أن تنكر المرأة نكاح الزوج لها وتدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك كما روي أن الرجل الذي ادعت عليه امرأته العنة قال : " يا رسول الله إني لأنفضها نفض الأديم " ولم ينكر عليه ، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إني لأفعله أنا وهذه } .

وقال لأبي طلحة : { أعرستم الليلة } ؟ ونحو ذلك كثير .

التالي السابق


الخدمات العلمية