صفحة جزء
باب ما جاء في طلاق ألبتة وجمع الثلاث واختيار تفريقها 2849 - ( عن ركانة بن عبد الله : { أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة ؟ قال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب ، والثالثة في زمن عثمان } . رواه الشافعي وأبو داود والدارقطني ، وقال : قال أبو داود : هذا حديث حسن صحيح ) .


الحديث أخرجه أيضا الترمذي وصححه أيضا ابن حبان والحاكم . قال الترمذي : لا يعرف إلا من هذا الوجه ، وسألت محمدا عنه ، يعني البخاري فقال : فيه اضطراب ، انتهى .

وفي إسناده الزبير بن سعيد الهاشمي وقد ضعفه غير واحد ، وقيل : إنه متروك . وذكر الترمذي عن البخاري أنه يضطرب فيه ، تارة يقال فيه : ثلاثة ، وتارة قيل : واحدة ، وأصحها أنه طلقها ألبتة ، وأن الثلاث ذكرت فيه على المعنى . قال ابن كثير : لكن قد رواه أبو داود من وجه آخر . وله طرق أخر فهو حسن إن شاء الله . وقال ابن عبد البر في التمهيد : تكلموا في هذا الحديث ، انتهى . وهو مع ضعفه مضطرب ومعارض ; أما الاضطراب فكما تقدم . وقد أخرج أحمد أنه طلق ركانة امرأته في مجلس واحد ثلاثا فحزن عليها .

وروى ابن إسحاق عن ركانة أنه قال : { يا رسول الله إني طلقتها ثلاثا ، قال : قد علمت ، أرجعها ، ثم تلا { إذا طلقتم النساء } الآية } أخرجه أبو داود . وأما معارضته فيما روى ابن عباس أن طلاق الثلاث كان واحدة وسيأتي وهو أصح إسنادا وأوضح متنا .

وروى النسائي عن محمود بن لبيد قال : { أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ، حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله ؟ } قال ابن كثير : إسناده جيد . وقال الحافظ في بلوغ المرام : رواته موثقون .

وفي الباب عن ابن عباس قال : { طلق أبو ركانة أم ركانة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : راجع امرأتك ، فقال : إني طلقتها ثلاثا ، قال : قد علمت ، راجعها } أخرجه أبو داود ورواه أحمد والحاكم وهو معلول بابن إسحاق فإنه في سنده . والحديث يدل على أن من طلق بلفظ ألبتة وأراد واحدة كانت واحدة ، وإن أراد ثلاثا كانت ثلاثا

ورواية ابن عباس التي ذكرناها ، أنه - أعني ركانة - طلقها ثلاثا ، [ ص: 270 ] فأمره صلى الله عليه وسلم بمراجعتها ، يدل على أن من طلق ثلاثا دفعة كانت في حكم الواحدة . وسيأتي الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق . قوله : ( فقال صلى الله عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة . . . إلخ ) فيه دليل على أنه لا يقبل قول من طلق زوجته بلفظ ألبتة ثم زعم أنه أراد واحدة إلا بيمين ، ومثل هذا كل دعوى يدعيها الزوج راجعة إلى الطلاق إذا كان له فيها نفع .

التالي السابق


الخدمات العلمية