صفحة جزء
باب لا يجتمع المتلاعنان أبدا 2904 - ( عن ابن عمر قال { : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين : حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها ، قال : يا رسول الله مالي ؟ قال : لا مال لك ، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها } متفق عليه . وهو حجة في أن كل فرقة بعد الدخول لا تؤثر في إسقاط المهر )

2905 - ( وعن سهل بن سعد في خبر المتلاعنين قال { : فطلقها ثلاث تطليقات ، فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ما صنع عند النبي صلى الله عليه وسلم سنة ، قال سهل : حضرت هذا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا } . رواه أبو داود ) .

2906 - وعن سهل بن سعد في قصة المتلاعنين : { ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال : لا يجتمعان أبدا } .

2907 - وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا } . [ ص: 322 ]

2908 - وعن علي قال { : مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدا } .

2909 - ( وعن علي وابن مسعود قالا { : مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان } . رواهن الدارقطني ) .


حديث سهل بن سعد الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجاله رجال الصحيح . وحديثه الثاني في إسناده عياض بن عبد الله قال في التقريب : فيه لين ولكنه قد أخرج له مسلم . وحديث ابن عباس أخرج نحوه أبو داود في قصة طويلة في إسنادها عباد بن منصور وفيه مقال . وحديث علي وابن مسعود أخرجهما أيضا عبد الرزاق وابن أبي شيبة .

وفي الباب عن عمر نحو حديثهما أخرجه أيضا عبد الرزاق وابن أبي شيبة . قوله : ( أحدكما كاذب ) قال عياض : إنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان ، فيؤخذ منه عرض التوبة على المذنب بطريق الإجمال وأنه يلزم من كذب التوبة من ذلك . وقال الداودي : قال ذلك قبل اللعان تحذيرا لهما منه ، قال الحافظ : والأول أظهر ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك . قوله : ( لا سبيل لك عليها ) فيه دليل على أن المرأة تستحق ما صار إليها من المهر بما استحل الزوج من فرجها ، وقد تقدم أن هذه الصيغة تقتضي العموم لأنها نكرة في سياق النفي ، وأراد بقوله : " مالي " الصداق الذي سلمه إليها ، يريد أن يرجع به عليها ، فأجابه صلى الله عليه وسلم بأنها قد استحقته بذلك السبب ، وأوضح له استحقاقها له بذلك التقسيم على فرض صدقه وعلى فرض كذبه ; لأنه مع الصدق قد استوفى منها ما يوجب استحقاقها له ، وعلى فرض كذبه كذلك مع كونه قد ظلمها برميها بما رماها به

وهذا مجمع عليه في المدخولة . وأما في غيرها ; فذهب الجمهور إلى أنها تستحق النصف كغيرها من المطلقات قبل الدخول . وقال حماد والحكم وأبو الزناد : إنها تستحقه جميعه . وقال الزهري ومالك : لا شيء لها . قوله : ( فطلقها ) قد تقدم الكلام عليه . قوله : ( لا يجتمعان أبدا ) فيه دليل على تأبيد الفرقة . وإليه ذهب الجمهور .

وروي عن أبي حنيفة ومحمد أن اللعان لا يقتضي التحريم المؤبد لأنه طلاق زوجة مدخولة بغير عوض لم ينو به التثليث فيكون كالرجعي . ولكن المروي عن أبي حنيفة أنها إنما تحل له إذا أكذب نفسه لا إذا لم يكذب نفسه فإنه يوافق الجمهور كما ذكره صاحب الهدي عنه وعن محمد وسعيد بن المسيب . والأدلة الصحيحة الصريحة قاضية بالتحريم المؤبد وكذا أقوال الصحابة ، وهو الذي يقتضيه حكم اللعان ولا يقتضي سواه ، فإن لعنة الله وغضبه قد حلت بأحدهما لا محالة ، وقد وقع الخلاف هل اللعان فسخ أو طلاق ؟ فذهب الجمهور إلى أنه فسخ ، وذهب أبو حنيفة [ ص: 323 ] ورواية عن محمد إلى أنه طلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية