صفحة جزء
باب الملاعنة بعد الوضع لقذف قبله وإن شهد الشبه لأحدهما 2915 - ( عن ابن عباس : { أنه ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ، ثم انصرف ، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلا ، فقال عاصم : ما ابتليت بهذا إلا لقولي فيه ، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته ، وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر ، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله خدلا آدم كثير اللحم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بين ، فوضعت شبيها بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها ، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، فقال رجل لابن عباس في المجلس : أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه ؟ فقال ابن عباس : لا ، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء } . متفق عليه ) .


قوله : ( فقال عاصم في ذلك قولا ) أي كلاما لا يليق به كالمبالغة في الغيرة وعدم الرجوع إلى إرادة الله وقدرته . وقال الحافظ : إن المراد بالقول المذكور هو ما وقع في حديث سهل بن سعد أنه سأل عن الحكم الذي أمره عويمر أن يسأل عنه . قوله : ( فأتاه رجل من قومه ) قال في الفتح : هو عويمر ، ولا يمكن تفسيره بهلال بن أمية لأنه لا قرابة بينه وبين عاصم . قوله : ( ما ابتليت بهذا إلا لقولي ) أي بسؤالي عما لم يقع فكأنه عرف أنه عوقب بذلك وإنما جعله ابتلاء لأن امرأة عويمر بنت عاصم المذكور واسمها خولة بنت عاصم كما ذكره ابن الكلبي ، وذكر ابن مردويه أنها بنت أخي عاصم . وروى ابن أبي حاتم ، في التفسير عن مقاتل بن حبان أن الزوج وزوجته والرجل الذي رمي بها ثلاثتهم [ ص: 328 ] بنو عم عاصم . قوله : ( مصفرا ) بضم أوله وسكون الصاد المهملة وفتح الفاء وتشديد الراء : أي قوي الصفرة ، وهذا لا يخالف ما في حديث سهل أنه كان أحمر أو أشقر لأن ذلك لونه الأصلي والصفرة عارضة . والمراد بقليل اللحم : نحيف الجسم ، والسبط قد تقدم تفسيره

قوله : ( خدلا ) بالخاء المعجمة والدال المهملة ، قال في القاموس : الخدل : الممتلئ ، وساق خدلة : بينة الخدل محركة ثم قال : والخدلة المرأة الغليظة الساق وممتلئة الأعضاء لحما في رقة عظام ، انتهى . وقال في الفتح : خدلا بفتح المعجمة وتشديد اللام : أي ممتلئ الساقين . وقال أبو الحسن بن فارس : ممتلئ الأعضاء . وقال الطبري : لا يكون إلا مع غلظ العظم مع اللحم . قوله : ( آدم ) بالمد : أي لونه قريب من السواد . قوله : ( كثير اللحم ) أي في جميع جسده . قال في الفتح : يحتمل أن يكون صفة شارحة لقوله خدلا بناء أن الخدل : الممتلئ البدن . قوله : ( اللهم بين ) قال ابن العربي : ليس معنى هذا الدعاء طلب ثبوت صدق أحدهما فقط ، بل معناه أن تلد ليظهر الشبه ولا يمتنع ولادها بموت الولد مثلا فلا يظهر البيان . والحكمة في البيان المذكور ردع من شاهد ذلك عن التلبس بمثل ما وقع لما يترتب عليه من القبح . قوله : ( فلاعن . . . إلخ ) ظاهره أن الملاعنة تأخرت إلى وضع المرأة ، وعلى ذلك بوب المصنف

وقد تقدم في حديث سهل أن اللعان وقع بينهما قبل أن تضع . ورواية ابن عباس هذه هي القصة التي في حديث سهل كما تقدم ، فعلى هذا تكون الفاء في قوله : " فلاعن " لعطف لاعن على " فأخبره بالذي وجد عليه امرأته " ويكون ما بينهما اعتراضا . قوله : ( فقال رجل لابن عباس ) هو عبد الله بن شداد بن الهاد وهو ابن خالة ابن عباس سماه أبو الزناد كما ذكره البخاري في الحدود . قوله : ( كانت تظهر في الإسلام السوء ) أي كانت تعلن بالفاحشة ولكنه لم يثبت ذلك عليها ببينة ولا اعتراف . قال الداودي : فيه جواز غيبة من يسلك مسالك السوء . وتعقب بأنه لم يسمها فإن أراد إظهار الغيبة على طريق الإبهام فمسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية