صفحة جزء
باب شهادة المرأة الواحدة بالرضاع 2970 - ( عن عقبة بن الحارث : { أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت : قد أرضعتكما ، قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عني ، قال : فتنحيت فذكرت ذلك له ، فقال : وكيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما ، فنهاه عنها } رواه أحمد والبخاري وفي رواية : { دعها عنك } رواه الجماعة إلا مسلما وابن ماجه )


في رواية للبخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم { : كيف وقد قيل ؟ ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره } قوله : ( أم يحيى ) اسمها غنية بفتح الغين المعجمة وكسر النون بعدها تحتية مشددة ، وقيل : اسمها زينب وإهاب بكسر الهمزة وآخره باء موحدة وقد استدل بالحديث على قبول شهادة المرضعة ووجوب العمل بها وحدها وهو مروي عن عثمان وابن عباس والزهري والحسن وإسحاق والأوزاعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد ولكنه قال : يجب العمل على الرجل بشهادتها فيفارق زوجته ولا يجب الحكم على الحاكم

وروي ذلك عن مالك وفي رواية عنه أنه لا يقبل في الرضاع إلا شهادة امرأتين ، وبه قال جماعة من أصحابه وقال جماعة منهم بالأول وذهبت العترة والحنفية إلى أنه لا بد من رجل أو رجل وامرأتين كسائر الأمور ولا تكفي شهادة المرضعة وحدها بل لا تقبل عند الهادوية لأن فيها تقريرا لفعل المرضعة ولا تقبل عندهم الشهادة إذا كانت كذلك مطلقا ، ولكنه حكى في البحر عن الهادوية والشافعية والحنفية أنه يجب العمل بالظن الغالب في النكاح تحريما

ويجب على الزوج الطلاق إن لم تكمل الشهادة ، واستدل لهم على ذلك بهذا الحديث وقال الإمام يحيى : الخبر محمول على الاستحباب ولا يخفى أن النهي حقيقة في التحريم كما تقرر في الأصول فلا يخرج عن معناه الحقيقي إلا لقرينة صارفة والاستدلال على عدم قبول المرأة المرضعة بقوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } لا يفيد شيئا لأن الواجب بناء العام على الخاص ، ولا شك أن الحديث أخص مطلقا

وأما ما أجاب به عن الحديث صاحب ضوء النهار من أنه مخالف للأصول فيجاب عنه بالاستفسار عن الأصول فإن أراد الأدلة القاضية باعتبار شهادة عدلين أو رجل وامرأتين فلا مخالفة لأن هذا خاص وهي عامة وإن أراد غيرها فما هو ؟ وأما ما رواه أبو عبيد عن علي وابن عباس والمغيرة أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوج بذلك فقد تقرر أن أقوال بعض [ ص: 379 ] الصحابة ليست بحجة على فرض عدم معارضتها لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فكيف إذا عارضت ما هو كذلك ؟ وأما ما قيل من أمره صلى الله عليه وسلم له من باب الاحتياط فلا يخفى مخالفته لما هو الظاهر ولا سيما بعد أن كرر السؤال أربع مرات كما في بعض الروايات والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له في جميعها : { كيف وقد قيل } وفي بعضها : { دعها عنك } كما في حديث الباب ، وفي بعضها : { لا خير لك فيها } مع أنه لم يثبت في رواية أنه صلى الله عليه وسلم أمره بالطلاق ، ولو كان ذلك من باب الاحتياط لأمره به

فالحق وجوب العمل بقول المرأة المرضعة حرة كانت أو أمة حصل الظن بقولها أو لم يحصل لما ثبت في رواية " أن السائل قال : وأظنها كاذبة " فيكون هذا الحديث الصحيح هادما لتلك القاعدة المبنية على غير أساس أعني قولهم : إنها لا تقبل شهادة فيها تقرير لفعل الشاهد ومخصصا لعمومات الأدلة كما خصصها دليل كفاية العدالة في عورات النساء عند أكثر المخالفين

التالي السابق


الخدمات العلمية