صفحة جزء
باب النهي عن الاقتصاص في الطرف قبل الاندمال [ ص: 36 ] عن جابر : { أن رجلا جرح فأراد أن يستقيد فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح } رواه الدارقطني

3022 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : { أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقدني فقال : حتى تبرأ ثم جاء إليه فقال أقدني فأقاده ثم جاء إليه فقال : يا رسول الله عرجت قال : قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه } رواه أحمد والدارقطني


حديث جابر أخرجه أيضا أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عنه . وأخرجه أيضا عثمان بن أبي شيبة بهذا الإسناد . وقال أبو الحسن الدارقطني : أخطأ فيه ابنا أبي شيبة وخالفهما أحمد بن حنبل وغيره فرووه عن ابن علية عن أيوب عن عمرو مرسلا . وكذلك قال أصحاب عمرو بن دينار عنه وهو المحفوظ ، يعني المرسل . وأخرجه أيضا البيهقي من حديث جابر مرسلا بإسناد آخر . وقال : تفرد به عبد الله الأموي عن ابن جريج وعنه عن يعقوب بن حميد . وأخرجه أيضا من وجه آخر عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تقاس الجراحات ثم يتأنى بها سنة ثم يقضى فيها بقدر ما انتهت إليه } وفي إسناده ابن لهيعة ، وكذا رواه جماعة من الضعفاء عن أبي الزبير من وجهين آخرين عن جابر ، ولم يصح شيء من ذلك . وحديث عمرو بن شعيب ، قال الحافظ في بلوغ المرام : وأعل بالإرسال ، وقد تقدم الخلاف في سماع عمرو بن شعيب واتصال إسناده ، وأخرجه أيضا الشافعي والبيهقي من طريق عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة . وقد استدل بالحديثين المذكورين من قال : إنه يجب الانتظار إلى أن يبرأ الجرح ويندمل ثم يقتص المجروح بعد ذلك . وإليه ذهبت العترة وأبو حنيفة ومالك ، وذهب الشافعي إلى أنه يندب فقط ، وتمسك بتمكينه صلى الله عليه وسلم الرجل المطعون بالقرن المذكور في حديث الباب من القصاص قبل البرء . واستدل صاحب البحر على الوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم { اصبروا حتى يسفر الجرح } وأصله { أن رجلا طعن حسان بن ثابت فاجتمعت الأنصار ليأخذ لهم النبي صلى الله عليه وسلم القصاص فقال : انتظروا حتى يبرأ صاحبكم ثم أقتص لكم ، فبرأ [ ص: 37 ] حسان ثم عفا } وهذا الحديث إن صح فحديث عمرو بن شعيب قرينة لصرفه من معناه الحقيقي إلى معناه المجازي كما أنه قرينة لصرف النهي المذكور في حديث جابر إلى الكراهة .

وأما ما قيل من أن ظهور مفسدة التعجيل للنبي صلى الله عليه وسلم قرينة أن أمره الأنصار بالانتظار للوجوب ، لأن دفع المفاسد واجب كما قال في ضوء النهار . فيجاب عنه بأن محل الحجة هو إذنه صلى الله عليه وسلم بالاقتصاص قبل الاندمال ، وهو لا يأذن إلا بما كان جائزا ، وظهور المفسدة غير قادح في الجواز المذكور ، وليس ظهورها بكلي ولا أكثري حتى تكون معلومة عند الاقتصاص قبل الاندمال أو مظنونة ، فلا يجب ترك الإذن دفعا للمفسدة الناشئة منه نادرا نعم قوله " ثم نهى أن يقتص من جرح . . . إلخ " يدل على تحريم الاقتصاص قبل الاندمال لأن لفظ " ثم " يقتضي الترتيب فيكون المنهي الواقع بعدها ناسخا للإذن الواقع قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية