صفحة جزء
باب من وجد منه سكر أو ريح خمر ولم يعترف 3178 - ( عن ابن عباس { : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حدا ، وقال ابن عباس : شرب رجل فسكر ، فلقي يميل في الفج ، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فضحك وقال : أفعلها ؟ ولم يأمر فيه بشيء } . رواه أحمد وأبو داود وقال : هذا مما تفرد به أهل المدينة ) .

3179 - ( وعن علقمة قال : كنت بحمص ، فقرأ ابن مسعود سورة يوسف ، فقال رجل : ما هكذا أنزلت ، فقال عبد الله : والله لقرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أحسنت " فبينما هو يكلمه إذ وجد منه ريح الخمر ، فقال : أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب ؟ فضربه الحد . متفق عليه ) .


حديث ابن عباس أخرجه أيضا النسائي وقوى الحافظ إسناده . قوله : ( لم يقت ) من التوقيت أي لم يقدره بقدر ولا حده بحد . وقد استدل بهذا الحديث من قال : إن حد السكر غير واجب ، وإنه غير مقدر ، وإنما هو تعزير فقط كما تقدم . وأجيب عن هذا بأنه قد وقع الإجماع من الصحابة على وجوبه .

وحديث ابن عباس المذكور قد قيل : إنه كان قبل أن يشرع الجلد ثم شرع الجلد ، والأولى أن يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يقم الحد على ذلك الرجل لكونه لم يقر لديه ولا قامت عليه بذلك الشهادة عنده ، وعلى هذا بوب المصنف فيكون في ذلك دليل على أنه لا يجب على الإمام أن يقيم الحد على شخص بمجرد إخبار الناس له أنه فعل ما يوجبه ، ولا يلزمه البحث بعد ذلك لما قدمنا من مشروعية الستر وأولوية ما يدرأ الحد على ما يوجبه .

وأثر ابن مسعود المذكور فيه متمسك لمن يجوز للإمام والحاكم ومن صلح أن يقيم الحدود إذا علم بذلك ، وإن لم يقع من فاعل ما يوجبها إقرار ولا قامت عليه البينة به . وقد خالف في أصل حكم الحاكم بما علم مطلقا شريح والشعبي وابن أبي ليلى والأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق والشافعي في [ ص: 178 ] قول له ، فقالوا : لا يجوز له أن يقضي بما علم مطلقا . وقال الناصر والمؤيد بالله في قول له والشافعي في قول له أيضا : إنه يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في كل شيء من غير فرق بين الحد وغيره .

وذهبت العترة إلى أن يحكم بعلمه في الأموال دون الحدود إلا في حد القذف ، فإنه يحكم فيه بعلمه . ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري تعليقا " أن عمر قال لعبد الرحمن : لو رأيت رجلا على حد ؟ فقال أرى شهادتك شهادة رجل من المسلمين ، قال : أصبت " وصله البيهقي ويؤيده حديث : { لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها } في قصة الملاعنة . وقد تقدم فإن ذلك يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم زناها .

التالي السابق


الخدمات العلمية