صفحة جزء
باب ما جاء في حد الساحر وذم السحر والكهانة 3200 - ( عن جندب قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حد الساحر ضربة بالسيف } . رواه الترمذي والدارقطني ، وضعف الترمذي إسناده ، وقال : الصحيح عن جندب موقوف ) .

3201 - ( عن بجالة بن عبدة قال : كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأتى كتاب عمر قبل موته بشهر ، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، وفرقوا بين كل ذي رحم محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة ، فقتلنا ثلاث سواحر ، وجعلنا نفرق بين الرجل وحريمه في كتاب الله تعالى . رواه أحمد وأبو داود ، وللبخاري منه : التفريق [ ص: 209 ] بين ذوي المحارم ) .

3202 - ( وعن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة : أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها وكانت قد دبرتها فأمرت بها فقتلت . رواه مالك في الموطإ عنه ) .

3203 - ( وعن ابن شهاب { أنه سئل : أعلى من سحر من أهل العهد قتل ؟ قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صنع له ذلك فلم يقتل من صنعه ، وكان من أهل الكتاب . } أخرجه البخاري ) .


حديث جندب في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي . قال الترمذي بعد ذكره : هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث من قبل حفظه ، وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع : هو ثقة ، ويروي عن الحسن أيضا ، والصحيح عن جندب موقوف . قال : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وهو قول مالك بن أنس . وقال الشافعي : إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ الكفر ، فإذا عمل عملا دون الكفر فلم نر عليه قتلا . ا هـ . وأخرج هذا الحديث الحاكم والبيهقي .

وأثر عمر أخرجه أيضا البيهقي وعبد الرزاق .

وأثر حفصة أخرجه أيضا عبد الرزاق له ، وقد استدل بحديث جندب من قال إنه يقتل الساحر ، قال النووي في شرح مسلم : عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع . قال وقد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا ، وأما تعلمه وتعليمه فحرام ، قال : ولا يقتل عندنا ، يعني الساحر ، فإن تاب قبلت توبته . وقال مالك : الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب ولا تقبل توبته بل يتحتم قتله ، والمسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزنديق لأن الساحر عنده كافر كما ذكرنا وعندنا ليس بكافر ، وعندنا تقبل توبة المنافق والزنديق . قال القاضي عياض : وبقول مالك قال أحمد بن حنبل ، وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين ، قال أصحابنا : إذا قتل الساحر بسحره إنسانا أو اعترف أنه مات بسحره وأنه يقتل غالبا لزمه القصاص ، وإن مات به ولكنه قد يقتل وقد لا يقتل فلا قصاص وتجب الدية والكفارة ، وتكون الدية في ماله لا على عاقلته ، لأن العاقلة لا تحمل ما ثبت [ ص: 210 ] باعتراف الجاني .

قال أصحابنا : ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة ، وإنما يتصور باعتراف الساحر والله أعلم انتهى كلام النووي . وحكي في البحر عن العترة وأبي حنيفة وأصحابه أن السحر كفر . وحكي أيضا عن العترة وأكثر الفقهاء أنه لا حقيقة له ولا تأثير لقوله تعالى: { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } وعن أبي جعفر الإستراباذي والمغربي من الشافعية أن له حقيقة وتأثيرا إذ قد يقتل السموم ، وقد يغير العقل ، وقد يكون بالقول فيفرق بين المرء وزوجه لقوله تعالى: { ومن شر النفاثات في العقد } أراد الساحرات فلولا تأثيره لما استعاذ منه . وقد يحصل به إبدال الحقائق من الحيوانات . قلنا : سماه الله خيالا والخيال لا حقيقة له فقال : { يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } قالوا : روت عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان لا يدري ما يقول } . قلنا : رواية ضعيفة . انتهى كلام البحر . ويجاب عنه بأن الحديث صحيح كما سيأتي ، ويأتي أيضا أن مذهب جمهور العلماء أن للسحر تأثيرا وهو الحق كما يأتي بيانه انتهى .

قوله : ( عن الزمزمة ) بزايين معجمتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة . قال في القاموس : الزمزمة : الصوت البعيد له دوي ، وتتابع صوت الرعد وهو أحسنه صوتا وأثبته مطرا ، وتراطن العلوج على أكلهم وهم صموت لا يستعملون لسانا ولا شفة ، لكنه صوت تديره في خياشيمها وحلوقها فيفهم بعضها عن بعض . قوله : ( فلم يقتل من صنعه . . . إلخ ) استدل به من قال إنه لا يقتل الساحر . ويجاب عنه بما سيأتي قريبا ، وأيضا ليس في ذلك دليل ، لأن غايته جواز الترك لا عدم جواز الفعل فيمكن الجمع على فرض عدم علم التاريخ بأن القتل للساحر جائز لا واجب

التالي السابق


الخدمات العلمية