صفحة جزء
3205 - ( وعن أبي موسى : أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال { ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن خمر ، وقاطع رحم ، ومصدق بالسحر } ) .

3206 - ( وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم } رواهما أحمد ومسلم ) .

3207 - ( وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أتى عرافا فسأله عن شيء لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة } . رواه أحمد ومسلم ) .


قوله : ( لا يدخلون الجنة ) فيه دليل على أن بعض أهل التوحيد لا يدخلون الجنة ، وهم من أقدم على معصية صرح الشارع بأن فاعلها لا يدخل الجنة كهؤلاء الثلاثة ، ومن قتل نفسه ، ومن قتل معاهدا وغيرهم من العصاة الفاعلين لمعصية ، ورد النص بأنها مانعة من دخول الجنة فيكون حديث أبي موسى المذكور وما ورد في معناه مخصصا لعموم الأحاديث القاضية بخروج الموحدين من النار ودخولهم الجنة . قوله : ( من أتى كاهنا ) قال القاضي عياض : كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب : أحدها : يكون للإنسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء ، وهذا القسم بطل من حين بعث الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم . الثاني : أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو [ ص: 214 ] بعد وهذا لا يبعد وجوده ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما ولا استحالة في ذلك ولا بعد في وجوده لكنهم يصدقون ويكذبون ، والنهي عن تصديقهم والسماع منهم عام .

الثالث : المنجمون ، وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوة ما ، لكن الكذب فيه أغلب ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف ، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها ، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك كالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة ، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة ، وقد أكذبهم كلهم الشرع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم . قال الخطابي : العراف : هو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق ومكان الضالة ونحوهما . قال في النهاية : الكاهن يشمل العراف والمنجم . قوله : ( فصدقه بما يقول ) زاد الطبراني من رواية أنس : " ومن أتاه غير مصدق له لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة " وظاهر هذا أن التصديق شرط في ثبوت كفر من أتى الكاهن والعراف .

قوله : ( فقد كفر ) ظاهره أنه الكفر الحقيقي ، وقيل : هو الكفر المجازي ، وقيل : من اعتقد أن الكاهن والعراف يعرفان الغيب ويطلعان على الأسرار الإلهية كان كافرا كفرا حقيقيا كمن اعتقد تأثير الكواكب وإلا فلا . قوله : ( لم يقبل الله منه صلاة أربعين ليلة ) قال النووي : معناه أنه لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه ، ولا يحتاج معها إلى إعادة ، ونظير هذه الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها مجزئة مسقطة للقضاء ولكن لا ثواب فيها ، كذا قاله جمهور أصحابنا ، قالوا : فصلاة الفرض وغيرها من الواجبات إذا أتى بها على وجهها الكامل ترتب عليها شيئان : سقوط الفرض عنه ، وحصول الثواب ، فإذا أداها في أرض مغصوبة حصل الأول دون الثاني ، ولا بد من هذا التأويل في هذا الحديث فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم من أتى العراف إعادة صلاة أربعين ليلة فوجب تأويله والله أعلم ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية