صفحة جزء
باب أن الجهاد فرض كفاية وأنه شرع مع كل بر وفاجر 3247 - ( عن عكرمة عن ابن عباس قال : { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } ، { ما كان لأهل المدينة } إلى قوله : { يعملون } ، نسختها الآية التي تليها { وما كان المؤمنون } رواه أبو داود ) .

3248 - ( وعن عروة بن الجعد البارقي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الخيل معقود في نواصيها الخير ; الأجر والمغنم إلى يوم القيامة } متفق عليه . ولأحمد ومسلم والنسائي من حديث جرير البجلي مثله ، وفيه مستدل بعمومه على الإسهام لجميع أنواع الخيل وبمفهومه على عدم الإسهام لبقية الدواب ) .

3249 - ( وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاث من أصل الإيمان : الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل ، والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ، ولا عدل عادل ، والإيمان بالأقدار } . رواه أبو داود وحكاه أحمد في رواية ابنه عبد الله ) .


حديث ابن عباس سكت عنه أبو داود والمنذري وإسناده ثقات إلا علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وهو صدوق ، وبوب عليه أبو داود : باب في نسخ نفير العامة بالخاصة . وحسنه الحافظ في الفتح . وأخرج أبو داود عن ابن عباس أنه سأله نجدة بن نفيع عن هذه الآية : { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } قال : فأمسك عنه المطر وكان عذابهم . ونجدة بن نفيع الحنفي مجهول كما قال صاحب الخلاصة .

وحديث أنس سكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده يزيد بن أبي نشبة وهو مجهول . وأخرجه أيضا سعيد بن منصور وفيه [ ص: 252 ] ضعف ، وله شواهد .

قوله : ( نسختها الآية التي تليها " وما كان المؤمنون لينفروا كافة " ) قال الطبري : يجوز أن يكون { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } خاصا ، والمراد به من استنفره النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع . قال الحافظ : والذي يظهر أنها مخصوصة وليست بمنسوخة وقد وافق ابن عباس على دعوى النسخ عكرمة والحسن البصري كما روى ذلك الطبري عنهما وزعم بعضهم أن قوله تعالى: { فانفروا ثبات } ناسخة لقوله تعالى: { انفروا خفافا وثقالا } وثبات جمع ثبة ومعناه جماعات متفرقة ، ويؤيده لقوله تعالىبعده : { أو انفروا جميعا } . قال الحافظ : والتحقيق أنه لا نسخ بل المرجع في الآيتين ، يعني هذه وقوله تعالى: { إلا تنفروا } مع قوله : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } إلى تعيين الإمام وإلى الحاجة .

قوله : ( الخيل معقود . . . إلخ ) المراد بها المتخذة للغزو بأن يقاتل عليها أو ترتبط لأجل ذلك ، وقد روى أحمد من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا : { الخيل في نواصيها الخير معقود أبدا إلى يوم القيامة فمن ربطها عدة في سبيل الله وأنفق عليها احتسابا كان شبعها وجوعها وريها وظمؤها وأرواثها وأبوالها فلاحا في موازينه يوم القيامة } . قوله : ( الأجر والمغنم ) بدل من قوله : " الخير " أو هو خبر مبتدإ محذوف : أي هو الأجر والمغنم . ووقع عند مسلم من رواية جرير : { فقالوا : لم ذاك يا رسول الله ؟ قال : الأجر والمغنم } . قال الطيبي : يحتمل أن يكون الخير الذي فسر بالأجر ، والمغنم : استعارة لظهوره وملازمته ، وخص الناصية لرفعة قدرها فكأنه شبهه لظهوره بشيء محسوس معقود على ما كان مرتفعا ، فنسب الخير إلى لازم المشبه به ، وذكر الناصية تجريد للاستعارة ، والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة ، قاله الخطابي وغيره .

قالوا : ويحتمل أن يكون كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال : فلان مبارك الناصية ، ويبعد ما رواه مسلم من حديث جرير قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرسه بأصبعه } ويقول فذكر الحديث ، فيحتمل أن تكون خصت بذلك لكونها المقدم منها ; إشارة إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدو دون المؤخر لما فيه من الإشارة إلى الإدبار . قوله : ( والجهاد ماض . . . إلخ ) فيه دليل على أن الجهاد لا يزال ما دام الإسلام والمسلمون إلى ظهور الدجال . وأخرج أبو داود وأبو يعلى مرفوعا وموقوفا من حديث أبي هريرة : { الجهاد ماض مع البر والفاجر } ولا بأس بإسناده إلا أنه من رواية مكحول عن أبي هريرة ولم يسمع منه . وأخرج أبو داود من حديث عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال } . قوله : ( لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ) فيه دليل على أنه لا فرق في حصول فضيلة الجهاد بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل [ ص: 253 ] أو الجائر . وقد استدل المصنف بما ذكره في الباب على أن الجهاد فرض كفاية . وقد تقدم الكلام على ذلك في أول الكتاب . وقد حكى في البحر عن العترة والشافعية أنه فرض كفاية وعن ابن المسيب أنه فرض عين . وعن قوم فرض عين في زمن الصحابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية