صفحة جزء
باب ما جاء في تشييع الغازي واستقباله 3297 - ( عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لأن أشيع غازيا فأكفيه في رحله غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها } . رواه أحمد وابن ماجه ) . [ ص: 281 ]

3298 - ( وعن السائب بن يزيد قال : { لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع ، قال السائب : فخرجت مع الناس وأنا غلام } . رواه أبو داود والترمذي وصححه ، وللبخاري نحوه ) .

3299 - ( وعن ابن عباس قال : { مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم ثم قال : انطلقوا على اسم الله وقال : اللهم أعنهم يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف } . رواه أحمد ) .


حديث معاذ في إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ، وفي إسناده أيضا رجل لم يسم . وقد أخرجه الطبراني .

وحديث ابن عباس في إسناده ابن إسحاق وهو مدلس ، وبقية إسناده رجال الصحيح . وقد أخرجه أيضا البزار والطبراني ، وفي الباب ما في الصحيحين { أن ابن الزبير وابن جعفر وابن عباس لقوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو قادم فحمل اثنين منهم وترك الثالث } وأخرج البخاري عن ابن عباس . قال : { لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استقبله أغيلمة لبني عبد المطلب فحمل واحدا بين يديه وآخر خلفه } ، وأخرج أحمد والنسائي عن عبد الله بن جعفر { أن النبي صلى الله عليه وسلم حمله خلفه ، وحمل قثم بن عباس بين يديه } . قوله : ( أشيع غازيا ) التشييع : الخروج مع المسافر لتوديعه ، يقال : شيع فلانا : خرج معه ليودعه ويبلغه منزله . قوله : ( أحب إلي من الدنيا وما فيها ) قد تقدم الكلام على مثل هذه العبارة في أول كتاب الجهاد .

وفي هذا الحديث الترغيب في تشييع الغازي وإعانته على بعض ما يحتاج إلى القيام بمؤنته ، لأن الجهاد من أفضل العبادات ، والمشاركة في مقدماته من أفضل المشاركات .

قوله : ( من ثنية الوداع ) قال في القاموس : الثنية : العقبة أو طريقها أو الجبل أو الطريق فيه أو إليه انتهى . قال في القاموس أيضا : وثنية الوداع بالمدينة سميت لأن من سافر إلى مكة كان يودع ثم ويشيع إليها ، انتهى . قوله : ( بقيع الغرقد ) قد تقدم ضبطه وتفسيره .

وفي الحديث دليل على مشروعية تلقي الغازي إلى خارج البلد لما في الاتصال به من البركة والتيمن بطلعته ، فإنه في تلك الحال ممن حرمه الله على النار كما تقدم ، وما في ذلك من التأنيس له والتطييب لخاطره والترغيب لمن كان قاعدا في الغزو . قوله : ( وقال : اللهم أعنهم ) فيه استحباب الدعاء للغزاة وطلب الإعانة من الله لهم ، فإن من كان ملحوظا بعين العناية الربانية ومحوطا بالعناية الإلهية ظفر بمراده .

التالي السابق


الخدمات العلمية