صفحة جزء
باب ترتيب الصفوف وجعل سيم وشعار يعرف وكراهة رفع الصوت 3308 - ( عن أبي أيوب قال { : صففنا يوم بدر ، فبدرت منا بادرة أمام الصف ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : معي معي } ) .

3309 - ( وعن عمار بن ياسر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه } . رواهما أحمد ) .

3310 - ( وعن المهلب بن أبي صفرة عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { إن بيتكم العدو فقولوا : حم لا ينصرون } . رواه أحمد وأبو داود والترمذي ) .

3311 - ( وعن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنكم ستلقون العدو غدا فإن شعاركم حم لا ينصرون } . رواه أحمد ) .

3312 - ( وعن سلمة بن الأكوع قال { : غزونا مع أبي بكر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان شعارنا : أمت أمت } . رواه أحمد وأبو داود ) .

3313 - ( وعن الحسن عن قيس بن عباد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال ) .

3314 - ( وعن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك . رواهما أبو داود ) .


حديث أبي أيوب قال في مجمع الزوائد : في إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف . والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرا . ا هـ . وحديث عمار قال في مجمع الزوائد : إسناده منقطع . [ ص: 286 ] قال : وأخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني ، وفي إسناده إسحاق بن أبي إسحاق الشيباني ولم يضعفه أحد وبقية رجاله ثقات ا هـ . وقد أخرج نحو حديث أبي أيوب الترمذي من حديث عبد الرحمن بن عوف والبزار من طريق عكرمة عن ابن عباس عنه قال : { عبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم } وهو عند البخاري من حديث مروان والمسور في قصة الفتح وقصة أبي سفيان قال : { ثم مرت كتيبة لم ير مثلها ، فقال : من هؤلاء ؟ قيل له : الأنصار عليهم سعد بن عبادة ومعه الراية وفيه : وجاءت كتيبة النبي صلى الله عليه وسلم ورايته مع الزبير } الحديث بطوله ، وهو شاهد لحديث عمار بن ياسر المذكور .

وأخرج البخاري وأبو داود من حديث حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال { : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اصطففنا يوم بدر : إذا أكثبوكم ، يعني إذا غشوكم فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم } .

وحديث المهلب ذكر الترمذي أنه روي عن المهلب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وأخرجه الحاكم موصولا وقال : صحيح قال : والرجل الذي لم يسمه المهلب هو البراء . ورواه النسائي من هذا الوجه بلفظ : " حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " وحديث البراء أخرجه أيضا النسائي والحاكم .

وحديث سلمة بن الأكوع أخرجه النسائي وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص . وأخرجه الحاكم من حديث عائشة : { جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر عبد الرحمن والخزرج عبد الله } الحديث . وأخرج أيضا عن ابن عباس رفعه { جعل الشعار للأزد يا مبرور يا مبرور } .

وفي الباب عن سمرة بن جندب عند أبي داود قال : { كان شعار المهاجرين عبد الله ، وشعار الأنصار عبد الرحمن } وهو من رواية الحسن عنه ، وفي سماعه منه خلاف قد مر غير مرة ، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة ولا يحتج بحديثه .

وحديث قيس بن عباد وأبي بردة سكت عنهما أبو داود والمنذري ورجالهما رجال الصحيح .

قوله : ( صففنا يوم بدر . . . إلخ ) فيه دليل على مشروعية الاصطفاف حال القتال لما في ذلك من الترهيب على العدو والتقوية للجيش ، ولكونه محبوبا لله تعالى قال عز وجل : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص } . قوله : ( أن يقاتل تحت راية قومه ) إنما كان ذلك مشروعا لما يتكلمه الإنسان من إظهاره القوة والجلادة إذا كان بمرأى من قومه ومسمع ، بخلاف ما إذا كان في غير قومه فإنه لا يفعل كفعله بين قومه لما جبلت عليه النفوس من محبة ظهور المحاسن بين العشيرة وكراهة ظهور المساوي بينهم ، ولهذا أفرد صلى الله عليه وسلم كل قبيلة من القبائل التي غزت معه غزوة الفتح بأميرها ورايتها كما يحكي ذلك كتب الحديث والسير .

قوله : ( حم لا ينصرون ) هذا اللفظ فيه التفاؤل بعدم انتصار الخصم مع حصول الغرض بالشعار وهو العلامة في الحرب ، يقال : نادوا بشعارهم أو جعلوا لأنفسهم شعارا . والمراد أنهم جعلوا [ ص: 287 ] العلامة بينهم لمعرفة بعضهم بعضا في ظلمة الليل هو التكلم عند أن يهجم عليه العدو بهذا اللفظ . قوله : ( أمت أمت ) أمر بالموت ، وفيه التفاؤل بموت الخصم .

وفي لفظ : " يا منصور أمت أمت " .

وفي آخر : " يا منص " وهو ترخيم منصور محذوف الراء والواو . قوله : ( يكرهون الصوت عند القتال ) فيه دليل على أن رفع الصوت حال القتال وكثرة اللغط والصراخ مكروهة ، ولعل وجه كراهتهم لذلك أن التصويت في ذلك الوقت ربما كان مشعرا بالفزع والفشل بخلاف الصمت فإنه دليل الثبات ورباط الجأش .

التالي السابق


الخدمات العلمية