صفحة جزء
باب استحباب الخيلاء في الحرب 3315 - ( عن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن من الغيرة ما يحب الله ، ومن الغيرة ما يبغض الله ، وإن من الخيلاء ما يحب الله ، ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة ، والخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة ، والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل في الفخر والبغي } رواه أحمد وأبو داود والنسائي ) .


الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده عبد الرحمن بن جابر بن عتيك وهو مجهول ، وقد صحح الحديث الحاكم . قوله : ( فالغيرة في الريبة ) نحو أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منهم فعلا محرما فإن الغيرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله . وفي الحديث الصحيح : { ما أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الزنا } ، وأما الغيرة في غير الريبة فنحو أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها وكذلك سائر محارمه ، فإن هذا مما يبغضه الله تعالى لأن ما أحله الله تعالى فالواجب علينا الرضا به ، فإن لم نرض به كان ذلك من إيثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا واختيال الرجل بنفسه عند القتال من الخيلاء الذي يحبه الله لما في ذلك من الترهيب لأعداء الله والتنشيط لأوليائه .

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة لما رآه يختال عند القتال : { إن هذه مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن } وكذلك الاختيال عند الصدقة فإنه ربما كان من أسباب الاستكثار منها والرغوب فيها ، وأما اختيال الرجل في الفخر فنحو أن يذكر ما له من الحسب والنسب وكثرة المال والجاه والشجاعة والكرم لمجرد الافتخار ثم يحصل منه الاختيال عند [ ص: 288 ] ذلك ، فإن هذا الاختيال مما يبغضه الله تعالى ، لأن الافتخار في الأصل مذموم والاختيال مذموم فينضم قبيح إلى قبيح ، وكذلك الاختيال في البغي نحو أن يذكر لرجل أنه قتل فلانا وأخذ ماله ظلما أو يصدر منه الاختيال حال البغي على ماله أو نفسه فإن هذا يبغضه الله لأن فيه انضمام قبيح إلى قبيح كما سلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية