صفحة جزء
باب الكف وقت الإغارة عمن عنده شعار الإسلام 3316 - ( عن أنس قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح ، فإذا سمع أذانا أمسك ، وإذا لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح } . رواه أحمد والبخاري ، وفي رواية : { كان يغير إذا طلع الفجر ، وكان يستمع الأذان ، فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار ، وسمع رجلا يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على الفطرة ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال : خرجت من النار } . رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه ) .

3317 - ( وعن عصام المزني قال { : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث السرية يقول : إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا } . رواه الخمسة إلا النسائي ) .


حديث عصام قال الترمذي بعد إخراجه : هذا حديث حسن غريب ، وهو من رواية ابن عصام عن أبيه ، قيل : اسمه عبد الله ، وقيل : اسمه عبد الرحمن . قال في التقريب : لا يعرف . قوله : ( وإذا لم يسمع أذانا أغار ) فيه دليل على جواز قتال من بلغته الدعوة بغير دعوة ويجمع بينه وبين ما تقدم في باب الدعوة قبل القتال بأن يقال : الدعوة مستحبة لا شرط ، هكذا في الفتح . وقد قدمنا الخلاف في ذلك ، وما ذكره الإمام المهدي من أن وجوب تقديم الدعوة مجمع عليه والاعتراض عليه ، وفي هذا الحديث والذي بعده دليل على جواز الحكم بالدليل لكونه صلى الله عليه وسلم كف عن القتال بمجرد سماع الأذان .

وفيه الأخذ بالأحوط في أمر الدماء لأنه كف عنهم في تلك الحال مع احتمال أن لا يكون ذلك على الحقيقة . قوله : ( على الفطرة ) فيه أن التكبير من الأمور المختصة بأهل الإسلام ، وأنه يصح الاستدلال به على إسلام أهل قرية سمع منهم ذلك . قوله : ( خرجت من النار ) هو نحو الأدلة القاضية بأن من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ، وهي مطلقة بعدم المانع جمعا بين الأدلة ، وللكلام على ذلك موضع آخر .

قوله : ( إذا رأيتم مسجدا ) فيه دليل [ ص: 289 ] على أن مجرد وجود المسجد في البلد كاف في الاستدلال به على إسلام أهله وإن لم يسمع منهم الأذان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر سراياه بالاكتفاء بأحد الأمرين إما وجود مسجد ، أو سماع الأذان .

التالي السابق


الخدمات العلمية