صفحة جزء
باب ما جاء في المبارزة 3339 - ( عن أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه قال : { تقدم عتبة بن ربيعة ومعه ابنه وأخوه فنادى من يبارز ؟ فانتدب له شباب من الأنصار ، فقال : من أنتم ؟ فأخبروه ، فقال لا حاجة لنا فيكم إنا أردنا بني عمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا حمزة قم يا علي ، قم يا عبيدة بن الحارث ، فأقبل حمزة إلى عتبة ، وأقبلت إلى شيبة ، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان ، فأثخن كل واحد منا صاحبه ثم ملنا إلى الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة } . رواه أحمد وأبو داود ) .

3340 - ( وعن قيس بن عباد عن علي قال : أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي [ ص: 304 ] الرحمن يوم القيامة ، قال قيس : فيهم نزلت هذه الآية : { هذان خصمان اختصموا في ربهم } قال : هم الذين تبارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة .

وفي رواية أن عليا قال : فينا نزلت هذه الآية ، وفي مبارزتنا يوم بدر { هذان خصمان اختصموا في ربهم } . رواهما والبخاري ) .

3341 - ( وعن سلمة بن الأكوع قال : بارز عمي يوم خيبر مرحب اليهودي . رواه أحمد في قصة طويلة ، ومعناه لمسلم ) .


حديث علي الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجال إسناده ثقات .

وفي الباب عن أبي ذر عند الشيخين في ذكر المبارزة المذكورة مختصرا .

وأخرج ابن إسحاق في المغازي " أن عليا بارز يوم الخندق عمرو بن عبد ود . ووصله الحاكم من حديث أنس بنحوه . وأخرج ابن إسحاق أيضا في المغازي عن جابر قال : { خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر قد جمع سلاحه وهو يرتجز فذكر الشعر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من لهذا ؟ فقال محمد بن مسلمة : أنا يا رسول الله } فذكر الحديث والقصة ورواه أحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد ، والذي في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع مطولا أنه بارزه علي وفيه : " فخرج مرحب وهو يقول " :

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

فقال علي عليه السلام :

أنا الذي سمتني أمي حيدره     كليث غابات كريه المنظره

وضرب رأس مرحب فقتله . قال الحافظ في التلخيص : إن الأخبار متواترة أن عليا هو الذي قتل مرحبا . انتهى . ورواية سلمة التي ذكرها المصنف في الباب تدل على أن الذي بارز مرحبا هو عمه . ويمكن الجمع بأن يقال : إن محمد بن مسلمة وكذلك عم سلمة بن الأكوع بارزاه أولا ولم يقتلاه ، ثم بارزه علي آخرا فقتله ، ومما يرشد إلى ذلك ما أخرجه الحاكم بسند فيه الواقدي أنه ضرب محمد بن مسلمة ساقي مرحب ضربة فقطعهما ولم يجهز عليه ، فمر به علي فضرب عنقه وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه محمد بن مسلمة . وروى الحاكم بسند منقطع فيه الواقدي أيضا أن أبا دجانة قتله وجزم ابن إسحاق في السيرة أن محمد بن مسلمة هو الذي قتله . قال الحافظ في التلخيص في باب قسمة الفيء : [ ص: 305 ] والصحيح أن علي بن أبي طالب هو الذي قتله كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ، وفي مسند أحمد عن علي . انتهى .

وفي الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوف { أن عوفا ومعوذا ابني عفراء خرجا يوم بدر إلى البراز فلم ينكر عليهما النبي صلى الله عليه وسلم } . وروى ابن إسحاق في المغازي أن عبد الله بن رواحة خرج يوم بدر إلى البراز هو ومعوذ وعوف ابنا عفراء ، وذكر القصة . قوله : ( فانتدب له شباب من الأنصار ) هم عبد الله بن رواحة ومعوذ وعوف ابنا عفراء كما بين ذلك ابن إسحاق في المغازي . قوله : ( قم يا عبيدة بن الحارث ) قال ابن إسحاق : إن عبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة كانا أسن القوم فبرز عبيدة لعتبة وحمزة لشيبة وعلي للوليد . وروى موسى بن عقبة أنه برز حمزة لعتبة وعبيدة لشيبة وهو المناسب لحديث الباب فقتل علي وحمزة من بارزاهما ، واختلف عبيدة ومن بارزه بضربتين فوقعت الضربة في ركبة عبيدة فمات منها لما رجعوا بالصفراء ، ومال حمزة وعلي إلى الذي بارز عبيدة فأعاناه على قتله ، وفي الأحاديث التي ذكرها المصنف وذكرناها دليل على أنها تجوز المبارزة ، وإلى ذلك ذهب الجمهور ، والخلاف في ذلك للحسن البصري ، وشرط الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق إذن الأمير كما في هذه الرواية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للمذكورين .

قوله : ( فأثخن كل واحد منا صاحبه ) لفظ أبي داود " فأثخن كل واحد منهما صاحبه " أي كل واحد من المذكورين هما عبيدة والوليد ، ومعنى الرواية المذكورة في الباب أنه أثخن حمزة من بارزه وهو عتبة ، وأثخن علي من بارزه وهو شيبة ثم مالا إلى الوليد .

قال في القاموس : أثخن في العدو بالغ في الجراحة فيهم وفلانا أوهنه وحتى إذا أثخنتموهم أي غلبتموهم وكثر فيهم الجراح ، انتهى . قوله : ( ثم ملنا إلى الوليد ) فيه دليل على أنه يجوز أن تعين كل طائفة من الطائفتين المتبارزتين بعضهم بعضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية