صفحة جزء
باب جواز تنفيل بعض الجيش لبأسه وغنائه أو تحمله مكروها دونهم 3359 - ( عن سلمة بن الأكوع ، وذكر قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري على سرح رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنقاذه منه قال : فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة ، قال : ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس وسهم الراجل فجعلهما لي جميعا } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود ) .

3360 - ( وعن سعد بن أبي وقاص قال : { جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، بسيف فقلت : يا رسول الله إن الله قد شفى صدري اليوم من العدو ، فهب لي هذا السيف ، فقال : إن هذا السيف ليس لي ولا لك ، فذهبت وأنا أقول : يعطاه اليوم من لم يبل بلائي ، فبينا أنا إذ جاءني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أجب ، فظننت أنه نزل في شيء بكلامي فجئت ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك ، وإن الله قد جعله لي فهو لك ، ثم قرأ : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } إلى آخر الآية } . رواه أحمد وأبو داود ) .


حديث سعد بن أبي وقاص عزاه المنذري في مختصر السنن إلى مسلم والترمذي والنسائي وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . قوله : ( عبد الرحمن الفزاري ) هو ابن عيينة بن حصن . وعن ابن إسحاق أن رأس القوم الذين أغاروا على السرح هو عيينة بن حصن . قوله : ( سرح ) بفتح السين المهملة وسكون الراء بعدها حاء مهملة . قال في القاموس : السرح المال السائم ، وسوم المال كالسروح ، وإسامتها كالتسريح ، انتهى . ولفظ البخاري : " كانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ترعى " واللقاح [ ص: 322 ] بكسر اللام وتخفيف القاف ثم مهملة : ذوات الدر من الإبل ، واحدتها لقحة بالكسر وبالفتح أيضا ، واللقوح : الحلوب ، وذكر ابن سعد أنها كانت عشرين لقحة . قال : وكان فيهم ابن أبي ذر وامرأته ، فأغار المشركون عليهم فقتلوا الرجل وأسروا المرأة ، والقصة مبسوطة في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما .

قوله : ( واستنقاذه ) أي السرح ( منه ) أي من عبد الرحمن المذكور . قوله : ( ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . إلخ ) فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن ينفل بعض الجيش ببعض الغنيمة إذا كان له من العناية والمقاتلة ما لم يكن لغيره . وقال عمرو بن شعيب : ذلك مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون من بعده ، وكره مالك أن يكون بشرط من أمير الجيش كأن يحرض على القتال ويعد بأن ينفل الربع أو الثلث قبل القسمة أو نحو ذلك ، لأن القتال حينئذ يكون للدنيا فلا يجوز . قال في الفتح : وفي هذا رد على من حكى الإجماع على مشروعيته . وقد اختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس أو مما عدا الخمس على أقوال

واختلفت الرواية عن الشافعي في ذلك ، فروي عنه أنه من أصل الغنيمة ، وروي عنه أنه من الخمس وروي عنه أنه من خمس الخمس ، والأصح عند الشافعية أنه من خمس الخمس ، ونقله منذر بن سعيد عن مالك وهو شاذ عندهم ، وسيأتي في الباب الذي بعد هذا ما يرد هذا القول . وقال الأوزاعي وأحمد وأبو ثور وغيرهم : النفل من أصل الغنيمة ، وإلى ذلك ذهب الهادوية . وقال مالك وطائفة : لا نفل إلا من الخمس . قال الخطابي : أكثر ما روي من الأخبار يدل على أن النفل من أصل الغنيمة . قال ابن عبد البر : إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة ، وإن انفردت قطعة فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش فذلك من غير الخمس بشرط أن لا يزيد على الثلث ، وسيأتي بيان الخلاف في المقدار الذي يجوز تنفيله .

التالي السابق


الخدمات العلمية