صفحة جزء
باب من يرضخ له من الغنيمة 3372 - ( عن ابن عباس { أن النبي كان يغزو بالنساء ، فيداوين الجرحى ، ويحذين من الغنيمة ، وأما بسهم فلم يضرب لهن } ) .

3373 - ( { وعنه أيضا أنه كتب إلى نجدة الحروري سألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضرا الناس ، وأنه لم يكن لهما سهم معلوم ، إلا أن يحذيا من غنائم القوم } . رواهما أحمد ومسلم ) .

3374 - ( وعن ابن عباس قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش } . رواه أحمد ) .

3375 - ( وعن عمير مولى آبي اللحم قال : { شهدت خيبر مع سادتي ، فكلموا في [ ص: 329 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بي فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبر أني مملوك ، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع } . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ) .

3376 - ( وعن حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه ، { أنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر سادس ست نسوة ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب ، فقال : مع من خرجتن ، وبإذن من خرجتن ؟ فقلنا : يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ، ونعين في سبيل الله ، ومعنا دواء للجرحى ، ونناول السهام ، ونسقي السويق ، قال : قمن فانصرفن حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال ، قال : فقلت لها : يا جدة وما كان ذلك ؟ قالت : تمرا } . رواه أحمد وأبو داود ) .

3377 - ( وعن الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه } . رواه الترمذي وأبو داود في مراسيله ) .

3378 - ( وعن الأوزاعي قال : { أسهم النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان بخيبر } . رواه الترمذي ويحمل الإسهام فيه وفيما قبله على الرضخ ) .


حديث ابن عباس الأول والثاني أخرجهما أيضا أبو داود والترمذي وصححهما .

وحديث عمير أخرجه أيضا ابن ماجه والحاكم وصححه وزاد الترمذي بعد قوله : " فأمر بشيء من خرثي المتاع " ما لفظه : { وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها } .

وحديث حشرج أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود ، وفي إسناده رجل مجهول وهو حشرج قاله الحافظ في التلخيص . وقال الخطابي : إسناده ضعيف لا تقوم به حجة .

وحديث الزهري رواه الترمذي عن قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عروة بن ثابت عن الزهري ، قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب انتهى . وهذا مرسل .

وحديث الأوزاعي رواه الترمذي عن علي بن خشرم . قال : أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي ، ولفظه : { أسهم النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان بخيبر ، وأسهم أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب ، وأسهم النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر ، وأخذ بذلك المسلمون بعده } انتهى . وهذا أيضا مرسل . قوله : ( إلى نجدة الحروري ) بفتح النون وسكون الجيم وبعدها دال مهملة ، وهو ابن عامر الحنفي الخارجي ، وأصحابه [ ص: 330 ] يقال لهم : النجدات محركة . والحروري نسبة إلى حروراء وهي قرية بالكوفة . قوله : ( يحذين ) بالحاء المهملة والذال المعجمة : أي يعطين . قال في القاموس : الحذوة بالكسر : العطية انتهى . قوله : ( آبي اللحم ) هو اسم فاعل من أبى يأبى فهو آبي . قال أبو داود : قال أبو عبيد : كان حرم اللحم على نفسه فسمي آبي اللحم .

قوله : ( من خرثي المتاع ) بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الراء المهملة بعدها مثلثة وهو سقطه . قال في النهاية : هو أثاث البيت ، وقال في القاموس : الخرثي بالضم : أثاث البيت أو أردأ المتاع والغنائم . قوله : ( وعن حشرج ) بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وبعدها راء مهملة مفتوحة وجيم . قوله : ( عن جدته ) هي أم زياد الأشجعية وليس لها سوى هذا الحديث . قوله : ( ونسقي السويق ) هو شيء يعمل من الحنطة والشعير . وقد اختلف أهل العلم هل يسهم للنساء إذا حضرن ، فقال الترمذي : إنه لا يسهم لهن عند أكثر أهل العلم . قال : وهو قول سفيان الثوري والشافعي . قال : وقال بعضهم : يسهم للمرأة والصبي . وهو قول الأوزاعي . وقال الخطابي : إن الأوزاعي قال : يسهم لهن

قال : وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث ، يعني حديث حشرج بن زياد وإسناده ضعيف لا تقوم به حجة وقد حكي في البحر عن العترة والشافعية والحنفية أنه لا يسهم للنساء والصبيان والذميين . وعن مالك أنه قال : لا أعلم العبد يعطى شيئا . وعن الحسن بن صالح أنه يسهم للعبد كالحر . وعن الزهري أنه يسهم للذمي لا للعبد والنساء والصبيان فيرضخ لهم . وقال الترمذي بعد أن أخرج حديث عمير مولى آبي اللحم المذكور في الباب . والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنه لا يسهم للمملوك ولكن يرضخ له بشيء وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق . وقال أيضا : إن العمل عند بعض أهل العلم على أنه لا يسهم لأهل الذمة وإن قاتلوا مع المسلمين العدو ، ورأى بعض أهل العلم أنه يسهم لهم إذا شهدوا القتال مع المسلمين انتهى .

والظاهر أنه لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد والذميين ، وما ورد من الأحاديث مما فيه إشعار بأن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لأحد من هؤلاء فينبغي حمله على الرضخ وهو العطية القليلة جمعا بين الأحاديث . وقد صرح حديث ابن عباس المذكور في أول الباب بما يرشد إلى هذا الجمع فإنه نفى أن يكون للنساء والعبيد سهم معلوم وأثبت الحذية ، وهكذا حديثه الآخر فإنه صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي المرأة والمملوك دون ما يصيب الجيش . وهكذا حديث عمير المذكور فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رضخ له بشيء من الأثاث ولم يسهم له ، فيحمل ما وقع في حديث حشرج من أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء بخيبر على مجرد العطية من الغنيمة ، وهكذا يحمل ما وقع في مرسل الزهري المذكور من الإسهام لقوم من اليهود وما وقع في مرسل الأوزاعي المذكور [ ص: 331 ] أيضا من الإسهام للصبيان كما لمح إلى ذلك المصنف رحمه الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية