صفحة جزء
باب ما يجوز أخذه من نحو الطعام والعلف بغير قسمة [ ص: 344 ] ( عن ابن عمر قال : كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه . رواه البخاري ) .

3399 - ( وعن ابن عمر { أن جيشا غنموا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم طعاما وعسلا ، فلم يؤخذ منهم الخمس } . رواه أبو داود ) .

3400 - ( وعن عبد الله بن المغفل قال : { أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته ، فقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا ، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ) .

3401 - ( وعن ابن أبي أوفى قال : أصبنا طعاما يوم خيبر ، وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق ) .

3402 - ( وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا مملوءة منه . رواهما أبو داود ) .


حديث ابن عمر الأول زاد فيه أبو داود " فلم يؤخذ منهم الخمس " وصحح هذه الزيادة ابن حبان .

وحديث ابن عمر الثاني أخرجه أيضا ابن حبان وصححه البيهقي ورجح الدارقطني وقفه .

وحديث عبد الله أخرجه أيضا البخاري ، وزاد فيه الطيالسي في مسنده بإسناد صحيح فقال : هو لك .

وحديث ابن أبي أوفى أخرجه الحاكم والبيهقي . قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط : هذا الحديث لم يذكر في كتب الأصول انتهى . وقد صححه الحاكم وابن الجارود . وأخرجه أيضا الطبراني من حديثه بلفظ " لم يخمس الطعام يوم خيبر " .

وحديث القاسم مولى عبد الرحمن سكت عنه أبو داود . وقال المنذري : إنه [ ص: 345 ] تكلم في القاسم غير واحد انتهى : وفي إسناده أيضا ابن حرشف وهو مجهول ، قوله : ( كنا نصيب في مغازينا . . . إلخ ) زاد الإسماعيلي في رواية " والفواكه " وفي رواية له بلفظ " كنا نصيب السمن والعسل في المغازي فنأكله " وفي رواية له من وجه آخر " أصبنا طعاما وأغناما يوم اليرموك فلم تقسم " . قال في الفتح : وهذا الموقوف لا يغاير الأول لاختلاف السياق وللأول حكم الرفع للتصريح بكونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما يوم اليرموك فكان بعده فهو موقوف يوافق المرفوع انتهى . ولا يخفى أنه ليس في روايات الحديث تصريح بأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما فيه أن إطلاق المغازي من الصحابي ظاهر في أنها مغازي النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك من التصريح في شيء قوله : ( ولا نرفعه ) أي ولا نحمله على سبيل الادخار ، ويحتمل أن يريد ولا نحمله إلى متولي أمر الغنيمة أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا نستأذنه في أكله اكتفاء بما سبق منه من الإذن قوله : ( عبد الله بن المغفل ) بالمعجمة والفاء بوزن محمد قوله : ( جرابا ) بكسر الجيم قوله : ( فالتزمته ) في رواية للبخاري " فنزوت " بالنون والزاي : أي وثبت مسرعا .

وموضع الحجة من الحديث عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما مع وقوع التبسم منه صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك يدل على الرضا . وقد قدمنا أن أبا داود الطيالسي زاد فيه فقال " هو لك " وكأنه صلى الله عليه وسلم عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به .

وفي الحديث جواز أكل الشحوم التي توجد عند اليهود وكانت محرمة على اليهود ، وكرهها مالك .

وروي عنه وعن أحمد تحريمها قوله : ( الجزر ) بفتح الجيم جمع جزور : وهي الشاة التي تجزر : أي تذبح كذا قيل .

وفي غريب الجامع : الجزر جمع جزور ، وهو الواحد من الإبل يقع على الذكر والأنثى .

وفي القاموس ، في مادة جزر ، ما لفظه : والشاة السمينة ثم قال : والجزور : البعير أو خاص بالناقة المجزورة ، ثم قال : وما يذبح من الشاة انتهى . وقد قيل إن الجزر في الحديث بضم الجيم والزاي جمع جزور : وهو ما تقدم تفسيره . وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز أخذ الطعام ويقاس عليه العلف للدواب بغير قسمة ، ولكنه يقتصر من ذلك على مقدار الكفاية كما في حديث ابن أبي أوفى . وإلى ذلك ذهب الجمهور سواء أذن الإمام أو لم يأذن .

والعلة في ذلك أن الطعام يقل في دار الحرب وكذلك العلف فأبيح للضرورة . والجمهور أيضا على جواز الأخذ ولو لم تكن ضرورة . وقال الزهري : لا نأخذ شيئا من الطعام ولا غيره إلا بإذن الإمام . وقال سليمان بن موسى : يأخذ إلا إن نهى الإمام . وقال ابن المنذر : قد وردت الأحاديث الصحيحة في التشديد في الغلول ، واتفق علماء الأنصار على جواز أكل الطعام ، وجاء الحديث بنحو ذلك فليقتصر عليه . وقال الشافعي ومالك : يجوز ذبح الأنعام للأكل كما يجوز أخذ الطعام ، ولكن قيده الشافعي بالضرورة إلى الأكل حيث لا طعام .

التالي السابق


الخدمات العلمية