صفحة جزء
باب أن الغنم تقسم بخلاف الطعام والعلف [ ص: 346 ] ( عن رجل من الأنصار قال : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد وأصابوا غنما فانتهبوها فإن قدورها لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال : إن النهبة ليست بأحل من الميتة ، وإن الميتة ليست بأحل من النهبة } . رواه أبو داود ) .

3404 - ( وعن معاذ قال : { غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنما فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة وجعل بقيتها في المغنم } . رواه أبو داود ) .


الحديث الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجال إسناده موثقون ولكن لفظه بالشك هكذا " إن النهبة ليست بأحل من الميتة ، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة " قال : والشك من هناد وهو ابن السري . وأخرجه أيضا البيهقي .

والحديث الثاني سكت عنه أيضا أبو داود والمنذري ، وفي إسناده أبو عبد العزيز شيخ من الأردن وهو مجهول ، ولفظه عن عبد الرحمن بن غنم قال " رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط ، فلما فتحها أصاب فيها غنما وبقرا ، فقسم فينا طائفة منها وجعل بقيتها في الغنم ، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته ، فقال معاذ : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث . قوله : ( ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ) أي يضع التراب عليه . قال في القاموس : وأرمل الطعام : جعل فيه الرمل : والثوب لطخه بالدم انتهى .

والحديث الأول ليس فيه دليل على ما ترجم له المصنف من أن الغنم تقسم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما منع من أكلها لأجل النهبى كما وقع التصريح بذلك ، لا لأجل كونها غنيمة مشتركة لا يجوز الانتفاع بها قبل القسمة ، نعم الحديث الثاني فيه دليل على أن الإمام يقسم بين المجاهدين من الغنم ونحوها من الأنعام ما يحتاجونه حال قيام الحرب ويترك الباقي في جملة الغنم ، وهذا مناسب لمذهب الجمهور المتقدم فإنهم يصرحون بأنه يجوز للغانمين أخذ القوت وما يصلح به ، وكل طعام يعتاد أكله على العموم من غير فرق بين أن يكون حيوانا أو غيره .

وقد استدل على أن المنع من ذبح الحيوانات المغنومة بغير إذن الإمام بما في الصحيح من حديث رافع بن خديج في ذبحهم الإبل التي أصابوها لأجل الجوع وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور . قال المهلب : إنما أكفأ القدور ليعلم أن [ ص: 347 ] الغنيمة إنما يستحقونها بعد القسمة . ويمكن أن يحمل ذلك على أنه وقع الذبح في غير الموضع الذي وقع فيه القتال ، وقد ثبت في هذا الحديث أن القصة وقعت في دار الإسلام فيها بذي الحليفة . وقال القرطبي : المأمور بإكفائه إنما هو المرق عقوبة للذين تعجلوا ، وأما نفس اللحم فلم يتلف ، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأجل النهي عن إضاعة المال .

التالي السابق


الخدمات العلمية