صفحة جزء
باب تحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير [ ص: 131 ] ( عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : { كل ذي ناب من السباع فأكله حرام } رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود ) .

3583 - ( وعن ابن عباس قال { : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير } . رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي ) .

3584 - ( وعن جابر قال { : حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني يوم خيبر لحوم الحمر الإنسية ولحوم البغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير } . رواه أحمد والترمذي ) . 3585 - ( وعن العرباض بن سارية : { أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير ولحوم الحمر الأهلية والخلسة والمجثمة } . رواه أحمد والترمذي وقال : نهى بدل لفظ التحريم وزاد في رواية قال أبو عاصم : المجثمة : أن ينصب الطير فيرمى . والخلسة الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذ منه ، يعني الفريسة ، فتموت في يده قبل أن يذكيها ) .


حديث جابر أصله في الصحيحين كما سلف ، وهو بهذا اللفظ بسند لا بأس به كما قاله الحافظ في الفتح ، وكذلك حديث العرباض بن سارية لا بأس بإسناده . قوله : ( كل ذي ناب ) الناب : السن الذي خلف الرباعية جمعه أنياب . قال ابن سينا : لا يجتمع في حيوان واحد ناب وقرن معا . وذو الناب من السباع كالأسد والذئب والنمر والفيل والقرد ، وكل ما له ناب يتقوى به ويصطاد . قال في النهاية : وهو ما يفترس الحيوان ويأكل قسرا كالأسد والنمر والذئب ونحوها .

وقال في القاموس : والسبع بضم الباء وفتحها : المفترس من الحيوان انتهى . ووقع الخلاف في جنس السباع المحرمة ، فقال أبو حنيفة : كل ما أكل اللحم فهو سبع حتى الفيل والضبع واليربوع والسنور . قال [ ص: 132 ] الشافعي : يحرم من السباع ما يعدو على الناس كالأسد والنمر والذئب . وأما الضبع والثعلب فيحلان عنده لأنهما لا يعدوان قوله : ( وكل ذي مخلب ) المخلب بكسر الميم وفتح اللام . قال أهل اللغة : المخلب للطير والسباع بمنزلة الظفر للإنسان .

وفي الحديث دليل على تحريم ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير ، وإلى ذلك ذهب الجمهور .

وحكى ابن عبد الحكم وابن وهب عن مالك مثل قول الجمهور . وقال ابن العربي : المشهور عنه الكراهة ، قال ابن رسلان : ومشهور مذهبه على إباحة ذلك ، وكذا قال القرطبي ، وقال ابن عبد البر : اختلف فيه عن ابن عباس وعائشة وجاء عن ابن عمر من وجه ضعيف ، وهو قول الشعبي وسعيد بن جبير ، يعني عدم التحريم واحتجوا بقوله تعالى : { قل لا أجد فيما أوحي إلي } الآية . وأجيب بأنها مكية ، وحديث التحريم بعد الهجرة ، وأيضا هي عامة والأحاديث خاصة ، وقد تقدم الجواب عن الاحتجاج بالآية مفصلا .

وعن بعضهم أن آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام لأنه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية أنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم فنزلت الآية { قل لا أجد } أي من المذكورات . ويجاب عن هذا أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قوله : ( ولحوم البغال ) فيه دليل على تحريمه وبه قال الأكثر ، وخالف في ذلك الحسن البصري كما حكاه عنه في البحر . قوله : ( والخلسة ) بضم الخاء وسكون اللام بعدها سين مهملة ، وهي ما وقع التفسير به في المتن .

قوله : ( والمجثمة ) قد تقدم ضبطها وتفسيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية