صفحة جزء
باب ما جاء في الهر والقنفذ 3586 - ( عن جابر : { أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها } . رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي ) . 3587 - ( وعن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه قال { : كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ ، فتلا هذه الآية { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما } الآية ، فقال شيخ عنده : سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : خبيثة من الخبائث ، فقال ابن عمر : إن كان قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما قال } . رواه أحمد وأبو داود ) .


حديث جابر في إسناده عمر بن زيد الصنعاني ، قال المنذري وابن حبان : لا يحتج [ ص: 133 ] به . وقال ابن رسلان في شرح السنن : لم يرو عنه غير عبد الرزاق . وقد أخرج النهي عن أكل ثمن الكلب والسنور مسلم في صحيحه .

وحديث عيسى بن نميلة . قال الخطابي : ليس إسناده بذاك . وقال البيهقي : إسناده غير قوي ورواه شيخ مجهول . وقال في بلوغ المرام : إسناده ضعيف . وقد استدل بالحديث الأول على تحريم أكل الهر وظاهره عدم الفرق بين الوحشي والأهلي . ويؤيد التحريم أنه من ذوات الأنياب . وللشافعية وجه في حل الهر الوحشي كحمار الوحش إذا كان وحشي الأصل لا إن كان أهليا ثم توحش . قوله : ( عن عيسى بن نميلة ) بضم النون وتخفيف الميم مصغر نملة ، ذكره ابن حبان في الثقات .

قوله : ( القنفذ ) هو واحد القنافذ والأنثى الواحدة قنفذة وهو بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وبالذال المعجمة ، وقد تفتح الفاء . وهو نوعان : قنفذ يكون بأرض مصر قدر الفأر الكبير وآخر يكون بأرض الشام في قدر الكلب وهو مولع بأكل الأفاعي ولا يتألم بها ، كذا قال ابن رسلان في شرح السنن . وقد استدل بالحديث على تحريم القنفذ لأن الخبائث محرمة بنص القرآن ، وهو مخصص لعموم الآية الكريمة كما سلف في مثل ذلك . وقد حكى التحريم في البحر عن أبي طالب والإمام يحيى . قال ابن رسلان راويا عن القفال أنه قال : إن صح الخبر فهو حرام وإلا رجعنا إلى العرب ، والمنقول عنهم أنهم يستطيبونه .

وقال مالك وأبو حنيفة : القنفذ مكروه ، ورخص فيه الشافعي والليث وأبو ثور ا . هـ . وحكي الكراهة في البحر أيضا عن المؤيد بالله ، والراجح أن الأصل الحل حتى يقوم دليل ناهض ينقل عنه أو يتقرر أنه مستخبث في غالب الطباع . ويؤيد القول بالحل ما أخرجه أبو داود عن ملقام بن التلب عن أبيه قال : { صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما } وهذا يؤيد الأصل وإن كان عدم السماع لا يستلزم عدم ورود دليل ، ولكن قال البيهقي : إن إسناده غير قوي . وقال النسائي : ينبغي أن يكون ملقام بن التلب ليس بالمشهور . قال ابن رسلان : إن حشرات الأرض كالضب والقنفذ واليربوع وما أشبهها ، وأطال في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية