صفحة جزء
باب وجوب التسمية 3620 - ( عن عدي بن حاتم قال : { قلت : يا رسول الله إني أرسل كلبي وأسمي ، قال : إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فكل ، وإن أكل منه فلا تأكل ، فإنما أمسك على نفسه ، قلت : إني أرسل كلبي أجد معه كلبا آخر لا أدري أيهما أخذه ؟ قال : فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره } .

وفي رواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : { إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله ، فإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله } متفق عليهما ، وهو دليل على أنه إذا أوحاه أحدهما وعلم بعينه فالحكم له ; لأنه قد علم أنه قاتله ) .


قوله : ( وسميت ) استدل به على مشروعية التسمية وهو مجمع على ذلك ، إنما الخلاف في كونها شرطا في حل الأكل ، فذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإليه ذهبت القاسمية والناصر والثوري والحسن بن صالح إلى أنها شرط . وذهب ابن عباس وأبو هريرة وطاوس [ ص: 153 ] والشافعي وهو مروي عن مالك وأحمد إلى أنها سنة ، فمن تركها عندهم عمدا أو سهوا لم يقدح في حل الأكل . ومن أدلة القائلين بأن التسمية شرط قوله تعالى: { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } فهذه الآية فيها النهي عن أكل ما لم يسم عليه .

وفي حديث الباب إيقاف الإذن في الأكل عليها ، والمعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم ، والشرط أقوى من الوصف ، ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة وما أذن فيه منها تراعى صفته فالمسمى عليها وافق الوصف ، وغير المسمي باق على أصل التحريم . واختلفوا إذا تركها ناسيا ، فعند أبي حنيفة ومالك والثوري وجماهير العلماء ، ومنهم القاسمية والناصر أن الشرطية إنما هي في حق الذاكر ، فيجوز أكل ما تركت التسمية عليه سهوا لا عمدا .

وذهب داود والشعبي وهو مروي عن مالك وأبي ثور أنها شرط مطلقا ; لأن الأدلة لم تفصل . واختلف الأولون في العمد هل يحرم الصيد ونحوه أم يكره . فعند الحنفية يحرم وعند الشافعية في العمد ثلاثة أوجه ، أصحها يكره الأكل ، وقيل خلاف الأولى . وقيل يأثم بالترك ولا يحرم الأكل . والمشهور عند أحمد التفرقة بين الصيد والذبيحة ، فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث . وحجة القائلين بعدم وجوب التسمية مطلقا ما سيأتي في باب الذبح إن شاء الله تعالى .

قوله : ( فإن وجدت مع كلبك . . . إلخ ) فيه دليل على أن من وجد الصيد ميتا ومع كلبه كلب آخر وحصل اللبس عليه أيهما القاتل له أنه لا يحل الصيد لأنه لم يسم إلا على كلبه ، بخلاف ما لو وجده حيا فإنه يذكيه ويحل أكله بالتذكية . وسيأتي الخلاف في الصيد إذا غاب ، وسبب الاختلاف حصول اللبس المذكور هنا . قوله : ( على أنه أوحاه ) بالحاء المهملة بمعنى أنهاه إلى حركة المذبوح وليس لأوجاه بالجيم هنا معنى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية