صفحة جزء
باب النهي عن الرمي بالبندق وما في معناه [ ص: 156 ] ( عن عبد الله بن المغفل : { أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف وقال : إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين } متفق عليه ) .

3628 - ( وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : { من قتل عصفورا بغير حقه سأله الله عنه يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله وما حقه ؟ قال : أن تذبحه ولا تأخذ بعنقه فتقطعه } رواه أحمد والنسائي )

3629 - ( وعن إبراهيم عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { إذا رميت فسميت فخزقت فكل ، وإن لم تخزق فلا تأكل ، ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت ، ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت } رواه أحمد وهو مرسل . إبراهيم لم يلق عديا ) .


حديث عبد الله بن عمرو أخرجه أيضا الحاكم وصححه ، وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عباس الراوي عن عبد الله فقال : لا يعرف حاله ، وله طريق أخرى عند الشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعا { من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول : يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة } وقد تقدم ذكر هذا الحديث . وحديث عدي المذكور في الباب وإن كان مرسلا كما ذكره لكن معناه صحيح ثابت عن عدي في الصحيحين كما تقدم . قوله : ( نهى عن الخذف ) بالخاء المعجمة وآخره فاء وهو الرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو بين الإبهام والسبابة أو على ظاهر الوسطى وباطن الإبهام . وقال ابن فارس : خذفت الحصاة : رميتها بين أصبعيك . وقيل في حصا الخذف أن تجعل الحصاة بين السبابة من اليمنى والإبهام من اليسرى ثم تقذفها بالسبابة من اليمنى . وقال ابن سيده : خذف بالشيء يخذف ، قال : والمخذفة : التي يوضع فيها الحجر ويرمى بها الطير ، ويطلق على المقلاع أيضا قاله في الصحاح .

والمراد بالبندقة المذكورة في ترجمة الباب هي التي تتخذ من طين وتيبس فيرمى بها . قال ابن عمر في المقتولة بالبندقة : تلك الموقوذة . وكرهه سالم والقاسم ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن كذا في البخاري .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن عبد الله بن عمر ، [ ص: 157 ] والقاسم بن محمد بن أبي بكر أنهما كانا يكرهان البندقة إلا ما أدركت ذكاته . قوله : ( إنها لا تصيد صيدا ) قال المهلب : أباح الله الصيد على صفة فقال : { تناله أيديكم ورماحكم } وليس الرمي بالبندقة ونحوها من ذلك ، وإنما هو وقيذ . وأطلق الشارع أن الخذف لا يصاد به . وقد اتفق العلماء إلا من شذ منهم على تحريم أكل ما قتلته البندقة والحجر ، وإنما كان كذلك لأنه يقتل الصيد بقوة رامية لا بحده كذا في الفتح . قوله : ( ولا تنكأ عدوا ) قال عياض : الرواية بفتح الكاف وبهمزة في آخره وهي لغة ، والأشهر بكسر الكاف بغير همز .

وقال في شرح مسلم : لا تنكأ بفتح الكاف مهموزا وروي لا تنكي بكسر الكاف وسكون التحتانية وهو أوجه ; لأن المهموز نكأت القرحة ، وليس هذا موضعه فإنه من النكاية ، لكن قال في العين : نكأه لغة في نكيت ، فعلى هذا تتوجه هذه الرواية ، قال : ومعناه المبالغة في الأذى . وقال ابن سيده : نكى العدو نكاية : أصاب منه ، ثم قال : نكأت العدو أنكؤهم : لغة في نكيتهم ، فظهر أن الرواية صحيحة ولا معنى لتخطئتها . وأغرب ابن التين فلم يعرج على الرواية التي بالهمز أصلا بل شرحه على التي بكسر الكاف بغير همز ، ثم قال : ونكأت القرحة بالهمز قوله : ( ولكنها تكسر السن ) أي الرمية ، وأطلق السن ليشمل سن المرمى وغيره من آدمي وغيره .

قوله : ( وتفقأ العين ) قد تقدم ضبطه وتفسيره وأطلق العين لما ذكرنا في السن . قوله : ( بغير حقه ) فيه دليل على تحريم قتل العصفور وما شاكله لمجرد العبث وعلى غير الهيئه المذكورة ، ولأن تعذيب الحيوان قد ورد النهي عنه في غير حديث . قوله : ( فخزقت فكل ) فيه أن الخزق شرط الحل ، وقد تقدم ، وكذلك تقدم الكلام على المعراض .

التالي السابق


الخدمات العلمية