صفحة جزء
باب ما جاء في الخليطين 3727 - ( عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا ، [ ص: 212 ] ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعا } رواه الجماعة إلا الترمذي ، فإن له منه فصل الرطب والبسر ) .

3728 - ( وعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنبذوا الزهو والرطب جميعا ، ولا تنبذوا الزبيب والرطب جميعا ، ولكن انبذوا كل واحد منهما على حدته } متفق عليه ، لكن للبخاري ذكر التمر بدل الرطب .

وفي لفظ : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن خليط التمر والبسر ، وعن خليط الزبيب والتمر ، وعن خليط الزهو والرطب وقال : انتبذوا كل واحد على حدته } رواه مسلم وأبو داود ) .

3729 - ( وعن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما ، وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما ، يعني في الانتباذ } . رواه أحمد ومسلم والترمذي ، وفي لفظ : { نهانا أن نخلط بسرا بتمر أو زبيبا بتمر أو زبيبا ببسر ، وقال : من شربه منكم فليشربه زبيبا فردا وتمرا فردا وبسرا فردا } رواه مسلم والنسائي ) .

3730 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تنبذوا التمر والزبيب جميعا ، ولا تنبذوا التمر والبسر جميعا ، وانبذوا كل واحد منهن وحده } رواه أحمد ومسلم ) .

3731 - ( وعن ابن عباس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب جميعا ، وأن يخلط البسر والتمر جميعا } ) .

3732 - ( وعنه قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط البلح بالزهو } . رواهما مسلم والنسائي ) .

3733 - ( وعن المختار بن فلفل عن أنس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجمع بين شيئين فينبذا يبغي أحدهما على صاحبه قال : وسألته عن الفضيخ فنهاني عنه ، قال : [ ص: 213 ] كان يكره المذنب من البسر مخافة أن يكون شيئين فكنا نقطعه } . رواه النسائي ) .

3734 - ( وعن عائشة قالت : { كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فنأخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فنطرحهما ، ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية وننبذه عشية فيشربه غدوة } . رواه ابن ماجه ) .


حديث أنس رواه النسائي من طريق سويد بن نصر وهو ثقة عن عبد الله بن المبارك الإمام الكبير عن ورقاء وهو صدوق عن المختار بن فلفل وهو ثقة عن أنس .

وقد أخرجه أيضا أحمد بن حنبل من طريق المختار بن فلفل عنه . وحديث عائشة رجاله عند ابن ماجه رجال الصحيح إلا تبالة بنت يزيد الراوية له عن عائشة فإنها مجهولة . وقد أخرجه أيضا أبو داود عن { صفية بنت عطية قالت : دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة فسألناها عن التمر والزبيب فقالت : كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في إناء فأمرسه ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم } وفي إسناده أبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي البصري . قال المنذري : ولا يحتج بحديثه . قال أبو حاتم : وليس هو بالقوي . وأخرج أبو داود أيضا عن امرأة من بني أسد عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتبذ له زبيب فيلقى فيه تمر ، أو تمر فيلقى فيه الزبيب } وفيه هذه المرأة المجهولة .

قوله : ( باب ما جاء في الخليطين ) أصل الخليط تداخل أجزاء أشياء بعضها في بعض قوله : ( والبسر ) بضم الموحدة : نوع من تمر النخل معروف قوله : ( الزهو ) بفتح الزاي وضمها لغتان مشهورتان .

قال الجوهري : أهل الحجاز يضمون : يعني وغيرهم يفتح ، والزهو : هو البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة وطاب ، وزهت تزهي زهوا وأزهت تزهى ، وأنكر الأصمعي أزهت بالألف ، وأنكر غيره زهت بلا ألف ، ورجح الجمهور زهت ، وقال ابن الأعرابي : زهت ظهرت وأزهت احمرت أو اصفرت والأكثرون على خلافه .

قوله : ( على حدته ) بكسر الحاء المهملة وفتح الدال : أي وحدته فحذفت . الواو من أوله ، والمراد أن كل واحد منهما ينبذ منفردا عن الآخر . قوله : ( البلح ) بفتح الموحدة وسكون اللام ثم حاء مهملة ، وفي القاموس وشمس العلوم بفتحهما : هو أول ما يرطب من البسر واحده بلحة . قوله : ( وسألته عن الفضيخ ) قد تقدم ضبطه وتفسيره . قوله : ( كان يكره المذنب ) بذال معجمة فنون مشددة مكسورة : ما بدا فيه الطيب من ذنبه : أي طرفه ، ويقال له أيضا الذنوب قوله : ( نقطعه ) أي نفصل بين البسر وما بدا فيه . واختلف في سبب النهي عن الخليطين ، فقال النووي : ذهب أصحابنا وغيرهم من العلماء [ ص: 214 ] إلى أن سبب النهي عن الخليط أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد ، فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الإسكار وقد بلغه .

قال : ومذهب الجمهور أن النهي في ذلك للتنزيه وإنما يحرم إذا صار مسكرا ولا تخفى علامته . وقال بعض المالكية : هو للتحريم . واختلف في خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد عند الشرب هل يمتنع أو يختص النهي عن الخلط بالانتباذ ، فقال الجمهور : لا فرق . وقال الليث : لا بأس بذلك عند الشرب . ونقل ابن التين عن الداودي أن المنهي عنه خلط النبيذ بالنبيذ لا إذا نبذا معا . واختلف في الخليطين من الأشربة غير النبيذ ، فحكى ابن التين عن بعض الفقهاء أنه كره أن يخلط للمريض الأشربة . قال ابن العربي : لنا أربع صور : أن يكون الخليطان منصوصين فهو حرام ، أو منصوص ومسكوت عنه ، فإن كان كل منهما لو انفرد أسكر فهو حرام قياسا على المنصوص أو مسكوت عنهما ، وكل منهما لو انفرد لم يسكر جاز إلى آخر كلامه .

وقال الخطابي : ذهب إلى تحريم الخليطين وإن لم يكن الشراب منهما مسكرا جماعة عملا بظاهر الحديث وهو قول مالك وأحمد وإسحاق وظاهر مذهب الشافعي ، وقالوا : من شرب الخليطين أثم من جهة واحدة ، فإن كان بعد الشدة أثم من جهتين وخص النهي بما إذا انتبذا معا . وخص ابن حزم النهي بخمسة أشياء : التمر ، والرطب ، والزهو ، والبسر ، والزبيب . قال : سواء خلط أحدهما في الآخر منها أو في غيرها ، فأما لو خلط واحد من غيرها في واحد من غيرها فلا منع كالتين والعسل مثلا . وحديث أنس المذكور في الباب يرد عليه .

وقال القرطبي : النهي عن الخليطين ظاهر في التحريم وهو قول جمهور فقهاء الأمصار ، وعن مالك يكره فقط ، وشذ من قال : لا بأس به لأن كلا منهما يحل منفردا فلا يكره مجتمعا . قال : وهذه مخالفة للنص بقياس مع وجود الفارق فهو فاسد ثم هو منتقض بجواز كل واحدة من الأختين منفردة وتحريمهما مجتمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية