صفحة جزء
باب ما جاء في التداوي بالمحرمات 3769 - ( عن وائل بن حجر : { أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : إنما أصنعها للدواء ، قال : إنه ليس بدواء ولكنه داء } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه ) .

3770 - ( وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء فتداووا ، ولا تتداووا بحرام } رواه أبو داود . وقال ابن مسعود في المسكر : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم . ذكره البخاري ) .

3771 - ( وعن أبي هريرة قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث ، يعني السم } . رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي . وقال الزهري في أبوال الإبل : قد كان المسلمون يتداوون بها فلا يرون بها بأسا . رواه البخاري ) .


حديث أبي الدرداء في إسناده إسماعيل بن عياش ، قال المنذري : وفيه مقال انتهى . وقد عرفت غير مرة أنه إذا حدث عن أهل الشام فهو ثقة وإنما يضعف في الحجازيين [ ص: 234 ] وهو ههنا حدث عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي وهو شامي ذكره ابن حبان في الثقات عن أبي عمران الأنصاري مولى أم الدرداء وقائدها وهو أيضا شامي .

قوله : ( ليس بدواء ولكنه داء ) فيه التصريح بأن الخمر ليست بدواء فيحرم التداوي بها كما يحرم شربها ، وكذلك سائر الأمور النجسة أو المحرمة ، وإليه ذهب الجمهور قوله : ( ولا تتداووا بحرام ) أي لا يجوز التداوي بما حرمه الله من النجاسات وغيرها مما حرمه الله ولو لم يكن نجسا . قال ابن رسلان في شرح السنن : والصحيح من مذهبنا يعني الشافعية جواز التداوي بجميع النجاسات سوى المسكر لحديث العرنيين في الصحيحين حيث أمرهم صلى الله عليه وسلم بالشرب من أبوال الإبل للتداوي ، قال : وحديث الباب محمول على عدم الحاجة بأن يكون هناك دواء غيره يغني عنه ويقوم مقامه من الطاهرات .

قال البيهقي : هذان الحديثان إن صحا محمولان على النهي عن التداوي بالمسكر والتداوي بالحرام من غير ضرورة ليجمع بينهما . وبين حديث العرنيين انتهى . ولا يخفى ما في هذا الجمع من التعسف ، فإن أبوال الإبل الخصم يمنع اتصافها بكونها حراما أو نجسا ، وعلى فرض التسليم فالواجب الجمع بين العام وهو تحريم التداوي بالحرام وبين الخاص وهو الإذن بالتداوي بأبوال الإبل بأن يقال : يحرم التداوي بكل حرام إلا أبوال الإبل ، هذا هو القانون الأصولي قوله : ( عن الدواء الخبيث ) ظاهره تحريم التداوي بكل خبيث ، والتفسير بالسم مدرج لا حجة فيه .

ولا ريب أن الحرام والنجس خبيثان . قال الماوردي وغيره : السموم على أربعة أضرب : منها ما يقتل كثيره وقليله فأكله حرام للتداوي ولغيره لقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ومنها ما يقتل كثيره دون قليله ، فأكل كثيره الذي يقتل حرام للتداوي وغيره ، والقليل منه إن كان مما ينفع في التداوي جاز أكله تداويا . ومنها ما يقتل في الأغلب وقد يجوز أن لا يقتل فحكمه كما قبله . ومنها ما لا يقتل في الأغلب وقد يجوز أن يقتل ، فذكر الشافعي في موضع إباحة أكله وفي موضع تحريم أكله فجعله بعض أصحابه على حالين ، فحيث أباح أكله فهو إذا كان للتداوي ، وحيث حرم أكله فهو إذا كان غير منتفع به في التداوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية