صفحة جزء
باب ما جاء في دخول الحمام

352 - ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا تدخل الحمام } رواه أحمد ) .


الحديث في إسناده أبو خيرة ، قال الذهبي : لا يعرف ، وأحاديث الحمام لم يتفق على صحة شيء منها . قال المنذري : وأحاديث الحمام كلها معلولة ، وإنما يصح منها عن الصحابة ويشهد لحديث الباب حديث عمر بن الخطاب الذي سيذكره المصنف في باب من دعي فرأى منكرا من كتاب الوليمة ، وقد أخرج الفصل الأول من هذا الحديثالترمذي من حديث جابر وقال : حسن غريب ، وفيه ليث بن أبي سليم . وقد رواه أحمد أيضا من طريق ثانية من طريق ابن لهيعة عن ابن الزبير عن جابر . وأخرج معناه أبو داود والترمذي من حديث عائشة قالت { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء عن دخول الحمام ، ثم رخص للرجال أن يدخلوه في المآزر } لكنه من حديث حماد بن سلمة عن عبد الله بن شداد عن أبي عذرة عنها ، وأبو عذرة مجهول . قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة ، وإسناده ليس بذاك القائم .

وأخرج أبو داود والترمذي من حديثها أنها قالت لنسوة دخلن عليها من نساء الشام : لعلكن من الكورة التي يدخل نساؤها الحمام ؟ قلن نعم ، قالت : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله من حجاب } وهو من حديث شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي المليح عنها ، وكلهم رجال الصحيح .

وروي عن جرير عن سالم عنها ، وكان سالم يدلس ويرسل . وقال الترمذي بعد ذكر الحديث : حسن .

وفي رواية للنسائي عن جابر { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام إلا من عذر } هكذا بلفظ : " إلا من عذر " في الجامع ، ولم يذكر هذا الاستثناء الترمذي ، ولم يوجد الحديث في النسائي ، ولعل ذلك في بعض النسخ . قال العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في بعض أجوبته : والظاهر أنه غلط ، ولم يذكر الشريف أبو المحاسن في كتابه [ ص: 319 ] في الحمام ، ولم يذكر الاستثناء في حديث جابر ولا عزاه إلى النسائي . وقد رواه من حديث جابر بلفظ : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر } ورواه الشريف أبو المحاسن في كتابه في الحمام من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أبي الزبير عن جابر ، وليس في شيء من الطرق ذكر العذر .

وحديث الباب يدل على جواز الدخول للذكور بشرط لبس المآزر ، وتحريم الدخول بدون مئزر وعلى تحريمه على النساء مطلقا واستثناء الدخول من عذر لهن لم يثبت من طريق تصلح للاحتجاج بها فالظاهر المنع مطلقا .

ويؤيد ذلك ما سلف من حديث عائشة الذي روته لنساء الكورة ، وهو أصح ما في الباب إلا لمريضة أو نفساء كما سيأتي في الحديث بعد هذا إن صح .

353 - ( وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بإزار ، وامنعوا النساء إلا مريضة أو نفساء } رواه أبو داود وابن ماجه ) . الحديث في إسناده عبد الرحمن بن أنعم الإفريقي وقد تكلم عليه غير واحد وفي إسناده أيضا عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي إفريقية ، وقد غمزه البخاري وابن أبي حاتم ، وهو يدل على تقييد الجواز للرجال بلبس الإزار ، ووجوب المنع على الرجال للنساء إلا لعذر المرض والنفاس ، وهذا أعني استثناء المريضة والنفساء أخص من استثناء العذر المذكور في حديث النسائي فيقتصر عليهما وقد عرفت ما فيه .

قال المصنف : وفيه أن من حلف لا يدخل بيتا فدخل حماما حنث انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية