صفحة جزء
باب كراهية النوم قبلها والسمر بعدها إلا في مصلحة

461 - ( عن أبي برزة الأسلمي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها ، والحديث بعدها } . رواه الجماعة ) .


وفي الباب عن عائشة عند ابن حبان وعن أنس أشار إليه الترمذي . وعن ابن عباس رواه القاضي أبو الطاهر الذهلي ، وعن ابن مسعود وسيأتي ، قال الترمذي : وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء ، ورخص في ذلك بعضهم ، وقال ابن المبارك : أكثر الأحاديث على الكراهة ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان .

قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي : وقد كرهه جماعة وأغلظوا فيه منهم ابن عمر وعمر وابن عباس ، وإليه ذهب مالك ورخص فيه بعضهم منهم علي عليه السلام وأبو موسى وهو مذهب الكوفيين ، وشرط بعضهم أن يجعل معه من يوقظه لصلاتها ، وروي عن ابن عمر مثله وإليه ذهب الطحاوي . وقال ابن العربي : إن ذلك جائز لمن علم من نفسه اليقظة قبل خروج الوقت بعادة ، أو يكون معه من يوقظه ، والعلة في الكراهة قبلها لئلا يذهب النوم بصاحبه ويستغرقه فتفوته أو يفوته فضل وقتها المستحب أو يترخص في ذلك الناس فيناموا عن إقامة جماعتها .

احتج من قال بالكراهة بحديث الباب وما بعده واحتج [ ص: 19 ] من قال بالجواز بدون كراهة بما أخرجه البخاري وغيره من حديث عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتم بالعشاء حتى ناداه عمر نام النساء والصبيان ولم ينكر عليهم } وبحديث ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم } الحديث . ولم ينكر عليهم قال ابن سيد الناس : وما أرى هذا من هذا الباب ولا نعاسهم في المسجد وهم في انتظار الصلاة من النوم المنهي عنه ، وإنما هو من السنة التي هي مبادئ النوم كما قال :

وسنان أقصده النعاس فرنقت في جفنه سنة وليس بنائم

وقد أشار الحافظ في الفتح إلى الفرق بين هذا النوم والنوم المنهي عنه قوله : ( والحديث بعدها ) سيأتي الخلاف في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية