صفحة جزء
[ ص: 67 ] باب من أذن فهو يقيم

508 - ( عن زيد بن الحارث الصدائي قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أخا صداء أذن ، قال فأذنت ، وذلك حين أضاء الفجر ، قال : فلما توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة فأراد بلال أن يقيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقيم أخو صداء فإن من أذن فهو يقيم } رواه الخمسة إلا النسائي ولفظه لأحمد ) .


الحديث في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي ، قال الترمذي : إنما نعرفه من حديث الإفريقي ، وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره ، وقال أحمد : لا أكتب حديث الإفريقي ، قال : ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره ويقول : هو مقارب الحديث ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم ا . هـ . قال في البدر المنير : ضعفه لكثرة روايته للمنكرات مع علمه وزهده ، ورواية المنكرات كثيرا ما تعتري الصالحين لقلة تفقدهم للرواة لذلك ، قيل : لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث ا هـ وكان سفيان الثوري يعظمه . وقال ابن أبي داود : إنما تكلم الناس فيه ; لأنه روى عن مسلم بن يسار ، فقيل : أين رأيته ؟ فقال : بإفريقية فقالوا : ما دخل مسلم بن يسار إفريقية قط : يعنون البصري ولم يعلموا أن مسلم بن يسار آخر يقال له أبو عثمان الطنبذي وعنه روى .

وفي الباب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنما يقيم من أذن } أخرجه الطبراني والعقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ في الأذان ، وفي إسناده سعيد بن راشد وهو ضعيف . قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن سعيد بن راشد هذا فقال : ضعيف الحديث منكر الحديث ، وقال مرة : متروك ، قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : واتفق أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره أن ذلك جائز

واختلفوا في الأولوية فقال أكثرهم : لا فرق ، والأمر متسع ، وممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور . وقال بعض العلماء من أذن فهو يقيم . قال الشافعي : وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة ، وإلى أولوية المؤذن بالإقامة ذهب الهادوية واحتجوا بهذا الحديث ، واحتج القائلون بعدم الفرق بالحديث الذي سيأتي ، وسيأتي الكلام عليه ، والأخذ بحديث الصدائي أولى لأن حديث عبد الله بن زيد الآتي كان أول ما شرع الأذان في السنة الأولى ، وحديث الصدائي بعده بلا شك قاله الحافظ اليعمري . فإذا أذن واحد فقط فهو الذي يقيم ، وإذا أذن جماعة دفعة واتفقوا على من يقيم منهم فهو الذي يقيم وإن تشاحنوا أقرع بينهم . قال [ ص: 68 ] ابن سيد الناس اليعمري : ويستحب أن لا يقيم في المسجد الواحد إلا واحد إلا إذا لم تحصل به الكفاية ا هـ .

509 - ( وعن عبد الله بن زيد ، { أنه أري الأذان ، قال فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : ألقه على بلال فألقيته فأذن فأراد أن يقيم فقلت : يا رسول الله أنا رأيت أريد أن أقيم ، قال : فأقم أنت فأقام هو وأذن بلال } . رواه أحمد وأبو داود ) . الحديث في إسناده محمد بن عمرو الواقفي الأنصاري البصري وهو ضعيف ضعفه القطان وابن نمير ويحيى بن معين ، واختلف عليه فيه فقيل : عن محمد بن عبد الله ، وقيل عبد الله بن محمد ، قال ابن عبد البر : إسناده أحسن من حديث الإفريقي ، وقال البيهقي : إن صحا لم يتخالفا لأن قصة الصدائي بعد . وذكره ابن شاهين في الناسخ ، وله طريق أخرى أخرجها أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان أول من أذن في الإسلام بلال ، وأول من أقام عبد الله بن زيد . قال الحافظ : وإسناده منقطع لأنه رواه الحكم عن مقسم عن ابن عباس وهذا من الأحاديث التي لم يسمعها الحكم بن مقسم ، وأخرجه الحاكم وفيه أن الذي أقام عمر ، قال : والمعروف أنه عبد الله بن زيد

والحديث استدل به من قال بعدم أولوية المؤذن بالإقامة ، وقد تقدم ذكرهم في الحديث الذي قبل هذا ، وقد عرفت تأخر حديث الصدائي وأرجحية الأخذ به على أنه لو لم يتأخر لكان هذا الحديث خاصا بعبد الله بن زيد ، والأولوية باعتبار غيره من الأمة ، والحكمة في التخصيص تلك المزية التي لا يشاركه فيها غيره أعني الرؤيا فإلحاق غيره به لا يجوز لوجهين الأول أنه يؤدي إلى إبطال فائدة النص أعني حديث من أذن فهو يقيم فيكون فاسد الاعتبار . الثاني : وجود الفارق وهو بمجرده مانع من الإلحاق . .

التالي السابق


الخدمات العلمية