صفحة جزء
أبواب ستر العورة

باب وجوب سترها

514 - ( عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال : { احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ، قلت : فإذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال : إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها ، قلت : فإذا كان أحدنا خاليا ؟ قال : فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه } . رواه الخمس إلا النسائي ) .


الحديث أخرجه أيضا النسائي في عشرة النساء عن عمرو بن علي ، عن يحيى بن سعيد ، عن بهز فذكره لا كما قال المصنف ، وقد علقه البخاري وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ، وأخرجه ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بدون قوله : " فإذا كان القوم " إلى قوله : " قلت فإذا كان أحدنا " وزاد بعد قوله : { فالله أحق أن يستحيا منه } لفظ : " من الناس " وقد عرف من السياق أنه وارد في كشف العورة بخلاف ما قال أبو عبد الله البوني إن المراد بقوله : " أحق أن يستحيا منه " أي فلا يعصى ومفهوم قوله : " إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " يدل على أنه يجوز [ ص: 73 ] لهما النظر إلى ذلك منه وقياسه أنه يجوز له النظر ، ويدل أيضا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثني ، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة ، وكما دل مفهوم الاستثناء على ذلك فقد دل عليه منطوق قوله : " فإذا كان القوم بعضهم في بعض " ويدل على أن التعري في الخلاء غير جائز مطلقا

وقد استدل البخاري على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب . ومما يدل على عدم الجواز مطلقا حديث ابن عمر عند الترمذي بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط ، وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم } . ويدل على ما أشعر به الحديث مفهوما ومنطوقا من عدم جواز نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم وأبي داود والترمذي بلفظ : { لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد }

والحديث يدل على وجوب الستر للعورة كما ذكر المصنف بقوله : " احفظ عورتك " وقوله : " فلا يرينها " وقد ذهب قوم إلى عدم وجوب ستر العورة ، وتمسكوا بأن تعليق الأمر بالاستطاعة قرينة تصرف الأمر إلى معناه المجازي الذي هو الندب . ورد بأن ستر العورة مستطاع لكل أحد فهو من الشروط التي يراد بها التهييج والإلهاب كما علم في علم البيان ، وتمسكوا أيضا بما سيأتي من كشفه صلى الله عليه وسلم لفخذه وسيأتي الجواب عليه ، والحق وجوب ستر العورة في جميع الأوقات إلا وقت قضاء الحاجة وإفضاء الرجل إلى أهله كما في حديث ابن عمر السابق ، وعند الغسل على الخلاف الذي مر في الغسل ومن جميع الأشخاص إلا في الزوجة والأمة كما في حديث الباب والطبيب والشاهد والحاكم على نزاع في ذلك . .

التالي السابق


الخدمات العلمية