صفحة جزء
باب من ير الفخذ من العورة وقال : هي السوأتان فقط .

519 - ( عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه ، فلما قاموا قلت : يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما ، وأنت على حالك فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك ، فقال : يا عائشة ألا أستحيي من رجل ، والله إن الملائكة لتستحيي منه } . رواه أحمد وروى أحمد هذه القصة من حديث حفصة بنحو ذلك ولفظه : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه ، وفيه : فلما استأذن عثمان تجلل بثوبه } ) .


الحديث أخرج نحوه البخاري تعليقا ، فقال في صحيحه : في بعض ما يذكر في الفخذ [ ص: 76 ] وقال أبو موسى : { غطى النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان } ، وأخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ : قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه } الحديث وفيه { فلما استأذن عثمان جلس } . وحديث حفصة أخرجه الطحاوي والبيهقي من طريق ابن جريج قال : أخبرني أبو خالد عن عبد الله بن سعيد المدني حدثتني حفصة بنت عمر قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي يوما وقد وضع ثوبه بين فخذيه فدخل أبو بكر } الحديث . والحديث استدل به من قال : إن الفخذ ليست بعورة ، وقد تقدم ذكرهم في الباب الأول وهو لا ينتهض لمعارضة الأحاديث المتقدمة

الأول : ما قدمنا من أنها حكاية فعل . الثاني : أنها لا تقوى على معارضة تلك الأقوال الصحيحة العامة لجمع الرجال . الثالث : التردد الواقع في رواية مسلم التي ذكرناها " ما بين الفخذ والساق " والساق ليس بعورة إجماعا . الرابع : غاية ما في هذه الواقعة أن يكون ذلك خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يظهر فيها دليل يدل على التأسي به في مثل ذلك ، فالواجب التمسك بتلك الأقوال الناصة على أن الفخذ عورة .

520 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه } . رواه أحمد والبخاري وقال : حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط ) .

قوله : ( حسر الإزار ) بمهملات مفتوحات أي كشف ، وضبطه بعضهم بضم أوله وكسر ثانيه على البناء للمفعول بدليل رواية مسلم فانحسر . قال الحافظ : وليس ذلك بمستقيم ، إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاري على خلافه ، وزاد البخاري في هذا الحديث عن أنس بلفظ : { وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله } وهو من جملة حجج القائلين بأن الفخذ ليست بعورة ، لأن ظاهره أن المس كان بدون الحائل ، ومس العورة بدون حائل لا يجوز ، ورد بما في صحيح مسلم ومن تابعه من أن الإزار لم تنكشف بقصد منه صلى الله عليه وسلم ، ويمكن أن يقال : إن الاستمرار على ذلك يدل على مطلوبهم لأنه وإن كان من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقر على ذلك لمكان عصمته صلى الله عليه وسلم ، وظاهر سياق أبي عوانة والجوزقي من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز يدل على استمرار ذلك لأنه بلفظ : { فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله وإني لأرى بياض فخذيه } وقد عرفت الجواب عن هذا الاحتجاج مما سلف

التالي السابق


الخدمات العلمية