صفحة جزء
باب ما جاء في أسفل النعل تصيبه النجاسة

28 - ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور } ، وفي لفظ : { إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب } . رواهما أبو داود ) .

29 - ( وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا . فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما } . رواه أحمد وأبو داود ) .


الحديث الأول أخرجه أيضا ابن السكن والحاكم والبيهقي واختلف فيه على الأوزاعي ، ورواه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : { الطريق يطهر بعضها بعضا } وإسناده ضعيف ، والرواية الأولى المذكورة في حديث الباب في إسنادها مجهول ; لأن أبا داود رواها بسنده إلى الأوزاعي قال : أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ولم يسم الأوزاعي شيخه .

والرواية الثانية منه فيها محمد بن عجلان ، وقد أخرج له البخاري في الشواهد ومسلم في المتابعات ولم يحتجا به ، وقد وثقه غير واحد ، وتكلم فيه غير واحد ، ولعله الرجل الذي أبهمه الأوزاعي في الرواية الأولى ; لأن أبا داود قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن كثير - يعني الصنعاني - عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة .

وحديث أبي سعيد أخرجه الحاكم وابن حبان ، واختلف في وصله وإرساله ، ورجح أبو حاتم في العلل الموصول .

وفي الباب عن أم سلمة عند الأربعة بلفظ " يطهره ما بعده " وعن أنس [ ص: 64 ] عند البيهقي بسند ضعيف . وعن امرأة من بني عبد الأشهل عند البيهقي كلها ، هذه الأحاديث في معنى حديث أبي هريرة .

وورد في معنى حديث أبي سعيد أحاديث منها عند الحاكم من حديث أنس ، وعنده أيضا من حديث ابن مسعود . وعند الدارقطني من حديث ابن عباس وإسناده ضعيف . وعند الدارقطني أيضا من حديث عبد الله بن الشخير ، وإسناده ضعيف أيضا ، وعند البزار من حديث أبي هريرة وإسناده ضعيف معلول ، وهذه الروايات يقوي بعضها بعضا فتنتهض للاحتجاج بها على أن النعل يطهر بدلكه في الأرض رطبا أو يابسا .

وقد ذهب إلى ذلك الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف والظاهرية وأبو ثور وإسحاق وأحمد في رواية ، وهي إحدى الروايتين عن الشافعي . وذهبت العترة والشافعي ومحمد إلى أنه لا يطهر بالدلك لا رطبا ولا يابسا . وذهب الأكثر إلى أنه يطهر بالدلك يابسا لا رطبا . وقد احتج للآخرين في البحر بحجة واهية جدا ، فقال بعد ذكر الحديثين السابقين : قلنا : محتملان للرطبة والجافة فتعين الموافق للقياس وهي الجافة ، والثاني : لا يسلم كالثوب . قال صاحب المنار : حاصل كلام المصنف إلغاء الحديث انتهى .

والظاهر أنه لا فرق بين أنواع النجاسات بل كل ما علق بالنعل مما يطلق عليه اسم الأذى فطهوره مسحه بالتراب . قال ابن رسلان في شرح السنن : الأذى في اللغة هو المستقذر طاهرا كان أو نجسا انتهى . ويدل على التعميم ما في الرواية الأخرى حيث قال : " فإن رأى خبثا فإنه لكل مستخبث " ولا فرق بين النعل والخف للتنصيص على كل واحد منهما في حديثي الباب ، يلحق بهما كل ما يقوم مقامها لعدم الفارق . قوله : ( ثم ليصل فيهما ) سيأتي الكلام على الصلاة في النعلين في باب مستقل من كتاب الصلاة - إن شاء الله تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية