صفحة جزء
باب من صلى في قميص غير مزرر تبدو منه عورته في الركوع أو غيره

531 - ( عن سلمة بن الأكوع قال : قلت : يا رسول الله إني أكون في الصيد وأصلي وليس علي إلا قميص واحد قال : { فزره وإن لم تجد إلا شوكة } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ) .


الحديث أخرجه أيضا الشافعي وابن خزيمة والطحاوي وابن حبان والحاكم وعلقه . البخاري في صحيحه ووصله في تاريخه ، وقال : في إسناده نظر . قال الحافظ : وقد بينت طرقه في تغليق التعليق وله شاهد مرسل ، وفيه انقطاع ، أخرجه البيهقي ، وقد رواه البخاري أيضا عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة ، زاد في الإسناد رجلا ، ورواه أيضا عن مالك بن إسماعيل عن عطاف بن خالد ، قال : حدثنا موسى بن إبراهيم قال : حدثنا سلمة ، فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة ، فاحتمل أن يكون رواية أبي أويس من المزيد في متصل الأسانيد ، أو يكون التصريح في رواية عطاف ، وهما فهذا وجه النظر في إسناده الذي ذكره البخاري . وأما من صححه فاعتمد على رواية الدراوردي وجعل رواية عطاف شاهدة لاتصالها . وطريق عطاف أخرجها أيضا أحمد والنسائي . وأما قول ابن القطان إن موسى هو ابن محمد بن إبراهيم التيمي المضعف عند [ ص: 86 ] البخاري وأبي حاتم وأبي داود ، وأنه نسب هنا إلى جده فليس بمستقيم ; لأنه نسب في رواية البخاري وغيره مخزوميا وهو غير التيمي فلا تردد ، نعم وقع عند الطحاوي موسى بن محمد بن إبراهيم فإن كان محفوظا فيحتمل على بعد أن يكونا جميعا رويا الحديث وحمله عنهما الدراوردي وإلا فذكر محمد فيه شاذ كذا قال الحافظ .

قوله : ( في الصيد ) جاء في رواية بلفظ : " إنا نكون في الصف " وفي أخرى " بالصيف " وقد جمع ابن الأثير بين الروايات في شرحه للمسند بما حاصله أن ذكر الصيد ; لأن الصائد يحتاج أن يكون خفيفا ليس عليه ما يشغله عن الإسراع في طلب الصيد ، وذكر الصف معناه أن يصلي في جماعة ، وليس عليه إلا قميص واحد فربما بدت عورته ، وذكر الصيف معناه مظنة للحر سيما في الحجاز لا يمكن معه الإكثار من اللباس .

قوله : ( فزره ) هكذا وقع هنا . وفي رواية البخاري قال : " يزره " . وفي رواية أبي داود " فأزرره " . وفي رواية ابن حبان والنسائي " زره "

والمراد شد القميص ، والجمع بين طرفيه لئلا تبدو عورته ولو لم يمكنه ذلك إلا بأن يغرز في طرفه شوكة يستمسك بها .

والحديث يدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد وفي القميص منفردا عن غيره مقيدا بعقد الزرار ، وقد تقدم الخلاف في ذلك .

532 - ( وعن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم } . رواه أحمد وأبو داود ) . هذا الحديث وقع البحث عنه في سنن أبي داود ومسند أحمد والجامع الكبير ومجمع الزوائد فلم يوجد بهذا اللفظ فينظر في نسبة المصنف له إلى أحمد وأبي داود ولكنه يشهد له الأمر بشد الإزار على الحقو ، وقد تقدم ; لأن الاحتزام شد الوسط كما في القاموس وغيره وكذلك حديث " وإن كان ضيقا فاتزر به " عند الشيخين كما تقدم ، لأن الاتزار : شد الإزار على الحقو فيكون هذا النهي مقيدا بالثوب الضيق كما في غيره من الأحاديث ، وقد تقدم الكلام . على ذلك .

533 - ( وعن عروة بن عبد الله عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه ، وإن قميصه لمطلق قال : فبايعته فأدخلت يدي من قميصه فمسست الخاتم ، قال عروة : فما رأيت معاوية ولا أباه في شتاء ولا حر إلا مطلقي [ ص: 87 ] أزرارهما لا يزرران أبدا } رواه أحمد وأبو داود ) . الحديث أخرجه أيضا الترمذي وابن ماجه وذكر الدارقطني أن هذا الحديث تفرد به ، وذكر ابن عبد البر أن قرة بن إياس والد معاوية المذكور لم يرو عنه غير ابنه معاوية وفي إسناده أبو مهل بميم ثم هاء مفتوحتين ولام مخففة الجعفي الكوفي ، وقد وثقه أبو زرعة الرازي ، وذكره ابن حبان . قوله : ( وعن عروة بن عبد الله ) هو ابن نفيل النفيلي وقيل : ابن قشير وهو أبو مهل المذكور الراوي عن معاوية بن قرة .

قوله : ( إن قميصه ) بكسر الهمزة لأنها بعد واو الحال .

قوله : ( لمطلق ) أي غير مشدود ، وكان عادة العرب أن تكون جيوبهم واسعة فربما يشدونها وربما يتركونها مفتوحة مطلقة .

قوله : ( فمسست ) بكسر السين الأولى .

قوله : ( الخاتم ) يعني خاتم النبوة تبركا به وليخبر به من لم يره .

قوله : ( إلا مطلقي ) بكسر اللام وفتح القاف وسكون الياء مثنى مطلق . والحديث يدل على أن إطلاق الزرار من السنة . والمصنف أورده ههنا توهما منه أنه معارض بحديث سلمة بن الأكوع الذي مر ، وليس الأمر كذلك ; لأن حديث سلمة خاص بالصلاة ، وهذا الحديث ليس فيه ذكر الصلاة ، ويمكن أن يكون مراد المصنف بإيراده هنا الاستدلال به على جواز إطلاق الزرار في غير الصلاة وإن كانت ترجمة الباب لا تساعد على ذلك . قال رحمه الله: وهذا محمول على أن القميص لم يكن وحده ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية