صفحة جزء
باب كراهية اشتمال الصماء

537 - ( عن أبي هريرة قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء ، وأن يشتمل الصماء بالثوب الواحد ليس على أحد شقيه منه : يعني شيء } متفق عليه ، وفي لفظ لأحمد : { نهى عن لبستين : أن يحتبي أحدكم في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء ، وأن يشتمل في إزاره إذا ما صلى إلا أن يخالف بطرفيه على عاتقيه } ) .


قوله : ( أن يحتبي ) الاحتباء أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا ، ويقال [ ص: 90 ] له : الحبوة وكانت من شأن العرب .

قوله : ( ليس على فرجه منه شيء ) فيه دليل على أن الواجب ستر السوأتين فقط ; لأنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء ، ومقتضاه أن الفرج إن كان مستورا فلا نهي .

قوله : ( وأن يشتمل الصماء ) هو بالصاد المهملة والمد قال أهل اللغة : هو أن يجلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبا ، ولا يبقي ما تخرج منه يده . قال ابن قتيبة : سميت صماء ; لأنه يسد المنافذ كلها فيصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق . وقال الفقهاء : هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا . قال النووي : فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر ، وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة ، وقال الحافظ : ظاهر سياق البخاري من رواية يونس في اللباس أن التفسير المذكور فيها مرفوع وهو موافق لما قال الفقهاء ، ولفظه سيأتي في هذا الباب ، وعلى تقدير أن يكون موقوفا فهو حجة على الصحيح ; لأنه تفسير من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر . قوله : ( وفي لفظ لأحمد ) هذه الرواية موافقة لما عند الجماعة في المعنى إلا أن فيها زيادة وهو قوله : " إذا ما صلى " وهي غير صالحة لتقييد النهي بحالة الصلاة ; لأن كشف العورة محرم في جميع الحالات إلا ما استثني ، والنهي عن الاحتباء والاشتمال لكونهما مظنة الانكشاف فلا يختص بتلك الحالة .

قوله : ( لبستين ) هو بكسر اللام لأن المراد بالنهي الهيئة المخصوصة لا المرة الواحدة من اللبس . والحديث يدل على تحريم هاتين اللبستين ; لأنه المعنى الحقيقي للنهي ، وصرفه إلى الكراهة مفتقر إلى دليل .

538 - ( وعن أبي سعيد { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء } . رواه الجماعة إلا الترمذي فإنه رواه من حديث أبي هريرة ، وللبخاري { نهى عن لبستين } ، واللبستان : اشتمال الصماء والصماء : أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب ، واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه ، وهو جالس ليس على فرجه منه شيء ) .

قد تقدم الكلام على الحديث في شرح الذي قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية