صفحة جزء
باب ما جاء في لبس القميص والعمامة والسراويل

576 - ( عن أبي أمامة قال : { قلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب } . رواه أحمد ) .

577 - ( وعن مالك بن عمير قال : { بعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل سراويل قبل الهجرة فوزن لي فأرجح لي } . رواه أحمد وابن ماجه ) .


أما حديث أبي أمامة فلم أقف فيه على كلام لأحد إلا ما ذكره في مجمع الزوائد ، فإنه قال : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح ، خلا القاسم وهو ثقة ، وفيه كلام لا يضر انتهى .

وفيه الإذن بلبس السراويل وإن مخالفة أهل الكتاب تحصل بمجرد الاتزار في بعض الأوقات لا بترك لبس السراويل في جميع الحالات فإنه لازم وإن كان في المخالفة . وأما حديث مالك بن عمير فأخرجه أيضا أبو داود والنسائي ورجال إسناده رجال الصحيح ، ويشهد لصحته حديث { سويد بن قيس قال : جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فساومنا سراويل فبعناه ، وثم رجل يزن بالأجر فقال له : زن } رواه الخمسة ، وصححه الترمذي وسيأتي في أبواب الإجارة إن شاء الله . وحديث مالك بن عمير المذكور هو عند أحمد من طريق [ ص: 124 ] يزيد بن هارون عن شعبة عن سماك بن حرب عنه ، وقد صرح كثير من الأئمة بثبوت شرائه صلى الله عليه وسلم للسراويل . قال في الهدي : فصل واشترى صلى الله عليه وسلم سراويل ، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها ، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل ، وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه انتهى . وقال في الفصل الذي بعد هذا في الهدي : ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ولبس الجبة والقباء والقميص والسراويل انتهى .

قال في المواهب اللدنية للقسطلاني : وأما السراويل فاختلف هل لبسها النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فجزم بعض العلماء بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبسه ويستأنس له بما جزم به النووي في ترجمة عثمان رضي الله عنه من كتاب تهذيب الأسماء واللغات ، أنه لم يلبس السراويل في جاهلية ولا إسلام إلى يوم قتله ، فإنهم كانوا أحرص شيء على اتباعه ، لكن قد ورد في حديث أبي يعلى الموصلي بسند ضعيف جدا عن أبي هريرة قال : { دخلت السوق يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى البزاز فاشترى منه سراويل بأربعة دراهم وكان لأهل السوق وزان يزن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتزن راجحا ؟ فقال الوزان : إن هذه كلمة ما سمعتها من أحد قال أبو هريرة : فقلت له كفى بك من الجفاء في دينك أن لا تعرف نبيك ؟ فطرح الميزان ووثب إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يقبلها فجذب يده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : يا هذا إنما تفعل هذا الأعاجم بملوكها ولست بملك إنما أنا رجل منكم فأخذ فوزن وأرجح وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السراويل . قال أبو هريرة : فذهبت لأحمله عنه فقال : صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم . قال : قلت : يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل قال : أجل في السفر والحضر والليل والنهار فإني أمرت بالستر فلم أجد شيئا أستر منه } وكذا أخرجه ابن حبان في الضعفاء عن أبي يعلى ، ورواه الطبراني في الأوسط والدارقطني في الإفراد والعقيلي في الضعفاء ، ومداره على يوسف بن زياد الواسطي وهو ضعيف ، عن شيخه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وهو أيضا ضعيف ، لكن قد صح شراء النبي صلى الله عليه وسلم للسراويل ، وأما اللبس فلم يأت من طريق صحيحة ، ولهذا قال أبو عبد الله الحجازي في حاشيته على الشفاء ما لفظه : وما قاله في الهدي من أنه صلى الله عليه وسلم لبس السراويل سبق قلم والله أعلم . وقد أورد أبو سعيد النيسابوري ذكر الحديث في السراويل وأورد فيه حديث المحرم لكونه لم يرد فيه شيء على شرطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية