صفحة جزء
باب صلاة الفرض على الراحلة لعذر

621 - ( عن يعلى بن مرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته ، والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع } . رواه أحمد والترمذي ) .


الحديث أخرجه أيضا النسائي والدارقطني ، وقال الترمذي : حديث غريب تفرد به عمرو بن الرياح وثبت ذلك عن أنس من فعله ، وصححه عبد الحق ، وحسنه النووي ، وضعفه البيهقي ، وهو يدل على ما ذهب إليه البعض من صحة صلاة الفريضة على الراحلة كما تصح في السفينة بالإجماع . ويعارض هذا حديث عامر بن ربيعة الآتي وستعرف الكلام على ذلك هنالك . وقد صحح الشافعي الصلاة المفروضة على الراحلة بالشروط التي [ ص: 167 ] ستأتي ، وحكى النووي في شرح مسلم والحافظ في الفتح الإجماع على عدم جواز ترك الاستقبال في الفريضة .

قال الحافظ : لكن رخص في شدة الخوف ، وحكى النووي أيضا الإجماع على عدم صلاة الفريضة على الدابة قال : فلو أمكنه استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود على دابة واقفة عليها هودج أو نحوه جازت الفريضة على الصحيح من مذهبنا فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي . وقيل : تصح كالسفينة فإنه تصح فيها الفريضة بالإجماع ، ولو كان في ركب وخاف لو نزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه الضرر قال أصحابنا : يصلي الفريضة على الدابة بحسب الإمكان ويلزمه إعادتها لأنه عذر نادر انتهى . والحديث يدل على جواز صلاة الفريضة على الراحلة ولا دليل على اعتبار تلك الشروط إلا عمومات يصلح هذا الحديث لتخصيصها وليس في الحديث إلا ذكر عذر المطر ونداوة الأرض فالظاهر صحة الفريضة على الراحلة في السفر لمن حصل له مثل هذا العذر وإن لم يكن في هودج ، إلا أن يمنع من ذلك إجماع ولا إجماع ، فقد روىالترمذي في جامعه عن أحمد وإسحاق أنهما يقولان بجواز الفريضة على الراحلة إذا لم يجد موضعا يؤدي فيه الفريضة نازلا . ورواه العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي .

قوله : ( والسماء من فوقهم ) المراد بالسماء هنا المطر قال الشاعر :

إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا

قال الجوهري : يقال ما زلنا نطأ في السماء حتى أتيناكم .

قوله : ( والبلة ) بكسر الباء الموحدة وتشديد اللام قال الجوهري : البلة بالكسر : النداوة . قال المصنف رحمه الله: وإنما ثبتت الرخصة إذا كان الضرر بذلك بينا ، فأما اليسير فلا . روى أبو سعيد الخدري : { قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته } متفق عليه انتهى وسيأتي حديث أبي سعيد هذا بطوله في باب الاجتهاد في العشر الأواخر من كتاب الاعتكاف . واستدلال المصنف على تقييده لجواز صلاة الفريضة على الراحلة بالضرر البين بحديث أبي سعيد غير متجه ، لأن سجوده على الماء والطين كان في الحضر وكان معتكفا على أنه لا نزاع أن السجود على الأرض مع المطر عزيمة فلا يكون صالحا لتقييد هذه الرخصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية