صفحة جزء
باب جامع فيما تصان عنه المساجد وما أبيح فيها

636 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من سمع رجلا ينشد في مسجد ضالة فليقل : لا أداها الله إليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا } .

637 - ( وعن بريدة { أن رجلا نشد في المسجد ، فقال : من دعا إلى الجمل الأحمر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له } . رواهما أحمد ومسلم وابن ماجه ) .


قوله : ( ينشد ) بفتح الياء وضم الشين يقال : نشدت الضالة بمعنى طلبتها وأنشدتها عرفتها . والضالة تطلق على الذكر والأنثى ، والجمع ضوال كدابة ودواب وهي مختصة بالحيوان ، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقيط . قال ابن رسلان . قوله : ( لا أداها الله إليك ) فيه دليل على جواز الدعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان معاقبة له في ماله معاملة له بنقيض قصده . قال ابن رسلان : ويلحق بذلك من رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته قال : وفيه النهي عن رفع الصوت بنشد الضالة ، وما في معناه من البيع والشراء والإجارة والعقود . قال مالك وجماعة . من العلماء : يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه .

قوله : ( وإنما بنيت المساجد لما بنيت له ) قال النووي : معناه لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها . قال القاضي عياض : فيه دليل على منع الصنائع في المسجد قال : وقال بعض شيوخنا : إنما يمنع من الصنائع الخاصة ، فأما العامة للمسلمين في دينهم فلا بأس بها وكره بعض المالكية تعليم الصبيان في المساجد وقال : إنه من باب البيع وهذا إذا كان بأجرة ، فإن كان بغير أجرة كان مكروها لعدم تحرزهم من الوسخ [ ص: 183 ] الذي يصان عنه المسجد ، وقد تقدم اختلاف الأحاديث في دخولهم المساجد في باب حمل المحدث .

التالي السابق


الخدمات العلمية