صفحة جزء
باب تنزيه قبلة المسجد عما يلهي المصلي

650 - ( عن أنس قال : كان قرام لعائشة قد سترت به جانب بيتها ، فقال لها [ ص: 191 ] النبي صلى الله عليه وسلم : { أميطي عني قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي } . رواه أحمد والبخاري ) .


قوله : ( قرام ) بكسر القاف وتخفيف الراء : ستر رقيق من صوف ذو ألوان كما تقدم . قوله : ( أميطي ) أي أزيلي وزنا ومعنى . قوله : ( لا تزال تصاويره ) في رواية للبخاري " لا تزال تصاوير " بحذف الضمير . قال الحافظ : كذا في روايتنا ، وللباقين بإثبات الضمير . قال : والهاء على روايتنا في فإنه ضمير الشأن ، وعلى الأخرى يحتمل أن يعود على الثوب . قوله : ( تعرض ) بفتح أوله وكسر الراء : أي تلوح ، وللإسماعيلي تعرض بفتح العين وتشديد الراء ، وأصله تتعرض

والحديث يدل على كراهة الصلاة في الأمكنة التي فيها تصاوير ، وقد تقدم كراهة زخرفة المساجد ، والتصاوير نوع من ذلك ، وقد تقدم أيضا الكلام على الثياب التي فيها تصاوير . ودل الحديث أيضا على أن الصلاة لا تفسد بذلك ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها ولم يعدها .

651 - ( وعن عثمان بن طلحة { أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بعد دخوله الكعبة ، فقال : إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في قبلة البيت شيء يلهي المصلي } . رواه أحمد وأبو داود ) . الحديث أخرجه أبو داود من طريق منصور الحجبي ، قال : حدثني خالي عن أمي قالت : سمعت { الأسلمية تقول : قلت لعثمان : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاك ؟ قال : إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي }

وخال صفوان المذكور في الإسناد قال ابن السراج : هو مسافع بن شيبة ، وأم منصور المذكورة هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية ، وقد جاءت مسماة في بعض طرق هذا الحديث ، واختلف في صحبتها ، وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها . وعثمان بن طلحة المذكور هو القرشي العبدري الحجبي بفتح الحاء المهملة وبعدها جيم مفتوحة وباء موحدة منسوب إلى حجابة بيت الله الحرام شرفه الله تعالى ، وهم جماعة من بني عبد الدار وإليهم حجابة الكعبة . وقد اختلف في هذا الحديث ، فروي عن منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة عن امرأة من بني سليم عن عثمان ، وروي عنه عن خاله عن امرأة من بني سليم ولم يذكر أمه والأسلمية المذكورة لم أقف على اسمها . والحديث يدل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير أو غيرهما مما [ ص: 192 ] يلهي ، وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي هي فيه لارتفاع العلة ، وهي اشتغال قلب المصلي بالنظر إليها وقد أسلفنا الكلام في التصاوير وفي كراهية زخرفة المساجد

قوله : ( قرني الكبش ) أي كبش إبراهيم الذي فدى به إسماعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية