صفحة جزء
باب النهي عن الانتفاع بجلد ما لا يؤكل لحمه

50 - ( عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن جلود السباع } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وزاد : أن يفترش ) .

51 - ( وعن معاوية بن أبي سفيان { أنه قال لنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود النمور أن يركب عليها ؟ قالوا : اللهم نعم } . رواه أحمد وأبو داود ، ولأحمد : { أنشدكم الله أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركوب صفف النمور قالوا : نعم ، قال : وأنا أشهد } ) . [ ص: 81 ]

52 - ( وعن { المقدام بن معدي كرب أنه قال لمعاوية : أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها ؟ قال : نعم } . رواه أبو داود والنسائي ) .

53 - ( وعن المقدام بن معدي كرب قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير والذهب ومياثر النمور } . رواه أحمد والنسائي )

54 - ( وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر } . رواه أبو داود ) .


حديث أبي المليح قال الترمذي : لا نعلم قال عن أبي المليح عن أبيه غير سعيد بن أبي عروبة ، وأخرجه عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال : وهذا أصح .

وحديث معاوية أخرجه أيضا ابن ماجه .

وحديث المقدام الأول رواه أبو داود عن عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي حدثنا بقية عن بجير عن خالد قال : وفد المقدام ، وذكر فيه قصة طويلة . وبقية بن الوليد فيه مقال مشهور . وحديثه الثاني إسناده صالح .

وحديث هريرة في إسناده أبو العوام عمران القطان وثقه عفان بن مسلم واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد . قوله : ( النمور ) في رواية النمار وكلاهما جمع نمر بفتح النون وكسر الميم ويجوز التخفيف بكسر . النون وسكون الميم وهو سبع أجرأ وأخبث من الأسد وهو منقط الجلد نقط سود وبيض وفيه شبه من الأسد إلا أنه أصغر منه ، ورائحة فمه طيبة بخلاف الأسد ، وبينه وبين الأسد ، عداوة ، وهو بعيد الوثبة فربما وثب أربعين ذراعا ، وإنما نهى عن استعمال جلده لما فيه من الزينة والخيلاء ولأنه زي العجم .

قوله : ( صفف ) بالصاد المهملة كصرد جمع صفة وهي ما يجعل على السرج . قوله : ( ومياثر النمور ) المياثر جمع ميثرة ، والميثرة بكسر الميم وسكون التحتية وفتح المثلثة بعدها راء ثم هاء ولا همزة فيها ، وأصلها من الوثارة . وقد روى البخاري عن بعض الرواة أنه فسرها بجلود السباع . قال النووي : هو تفسير باطل لما أطبق عليه أهل الحديث ، قال الحافظ : ليس بباطل بل يمكن توجيهه وهو ما إذا كانت الميثرة وطاء وصنعت من جلد ثم حشيت ، والنهي حينئذ عنها إما لأنها من زي الكفار ، وإما ; لأنها لا تذكى غالبا . وقيل : إن المياثر مراكب تتخذ من الحرير والديباج ، وسيأتي الكلام على الحرير في كتاب اللباس .

قوله : ( لا تصحب [ ص: 82 ] الملائكة رفقة . . . إلخ ) فيه أنه يكره اتخاذ جلود النمور واستصحابها في السفر وإدخالها البيوت لأن مفارقة الملائكة للرفقة التي فيها جلد نمر تدل على أنها لا تجامع جماعة أو منزلا وجد فيه ذلك ولا يكون إلا لعدم جواز استعمالها ، كما ورد أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير ، وجعل ذلك من أدلة تحريم التصاوير وجعلها في البيوت . وهذا الحديث والذي قبله يدلان على قوة تفسير الميثرة بجلود السباع .

وأحاديث الباب استدل بها المصنف - رحمه الله - تعالى على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها . وقد اختلف في حكمة النهي فقال البيهقي : يحتمل أن النهي وقع لما يبقى عليها من الشعر لأن الدباغ لا يؤثر فيه . وقال غيره : يحتمل أن النهي عما لم يدبغ منها لأجل النجاسة أو أن النهي لأجل أنها مراكب أهل السرف والخيلاء ، وأما الاستدلال بأحاديث الباب على أن الدباغ لا يطهر جلود السباع بناء على أنها مخصصة للأحاديث القاضية بأن الدباغ مطهر على العموم فغير ظاهر ، لأن غاية ما فيها مجرد النهي عن الركوب عليها وافتراشها ولا ملازمة بين ذلك وبين النجاسة كما لا ملازمة بين النهي عن الذهب والحرير ونجاستهما فلا معارضة بل يحكم بالطهارة بالدباغ مع منع الركوب عليها ونحوه مع أنه يمكن أن يقال : إن أحاديث هذا الباب أعم من أحاديث الباب الذي بعده من وجه لشمولها لما كان مدبوغا من جلود السباع ، وما كان غير مدبوغ .

قال المصنف رحمه الله: وهذه النصوص تمنع استعمال جلد ما لا يؤكل لحمه في اليابسات ، وتمنع بعمومها طهارته بذكاة أو دباغ انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية