صفحة جزء
باب ما يدعو به في آخر الصلاة

785 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ الله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح الدجال } . رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي ) .

786 - ( وعن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيخ الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات ، اللهم إني أعوذ بك من المغرم والمأثم } رواه الجماعة إلا ابن ماجه ) .


قوله : ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ) فيه تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير وهو مقيد ، وحديث عائشة مطلق فيحمل عليه ، وهو يرد ما ذهب إليه ابن حزم من وجوبها في التشهد الأول ، وما ورد من الإذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة ، لقوله : " إذا فرغ " . قوله : ( فليتعوذ ) استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة ، وقد ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية ، وروي عن طاوس ، وقد ادعى بعضهم الإجماع على الندب وهو لا يتم مع مخالفة من تقدم . والحق الوجوب إن علم تأخر هذا الأمر عن حديث المسيء لما عرفناك في شرحه . قوله : ( من أربع ) ينبغي أن يزاد على هذه الأربع : التعوذ من المغرم والمأثم المذكورين في حديث عائشة

قوله : ( ومن عذاب القبر ) فيه رد على المنكرين لذلك من المعتزلة ، والأحاديث في هذا الباب متواترة . قوله : ( ومن فتنة المحيا والممات ) قال ابن دقيق العيد : فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات ، وأعظمها والعياذ بالله أمر [ ص: 339 ] الخاتمة عند الموت ، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها : الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ، ويكون المراد على هذا بفتنة المحيا ما قبل ذلك ، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر ، وقد صح أنهم يفتنون في قبورهم . وقيل : أراد بفتنة المحيا الابتلاء مع زوال الصبر ، وبفتنة الممات السؤال في القبر مع الحيرة كذا في الفتح . قوله : ( ومن شر المسيح الدجال ) قال أبو داود في السنن : المسيح مثقل الدجال ومخفف عيسى

ونقل الفربري عن خلف بن عامر أن المسيح بالتشديد والتخفيف واحد ، ويقال للدجال ، ويقال لعيسى وأنه لا فرق بينهما ، قال الجوهري في الصحاح : من قاله بالتخفيف فلمسحه الأرض ، ومن قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين . قال الحافظ : وحكي عن بعضهم بالخاء المعجمة في الدجال ونسب قائله إلى التصحيف . قال في القاموس : والمسيح عيسى ابن مريم صلوات الله عليهلبركته ، قال : وذكرت في اشتقاقه خمسين قولا في شرحي لمشارق الأنوار وغيره ، والدجال لشؤمه ا هـ

قوله : ( ومن المغرم والمأثم ) في البخاري بتقديم المأثم على المغرم ، والمغرم الدين ، يقال غرم بكسر الراء أي ادان ، قيل المراد به ما يستدان فيما لا يجوز أو فيما يجوز ثم يعجز عن أدائه ، ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك ، وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من غلبة الدين .

وفي البخاري " أنه قال له صلى الله عليه وسلم قائل : ما أكثر ما تستعيذ من المغرم ؟ فقال : { إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ، ووعد فأخلف } .

التالي السابق


الخدمات العلمية