صفحة جزء
[ ص: 379 ] باب الفتح في القراءة على الإمام وغيره

834 - ( عن مسور بن يزيد المالكي قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية فقال له رجل : يا رسول الله آية كذا وكذا ، قال : فهلا ذكرتنيها } . رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه ) .

835 - ( وعن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأبي : أصليت معنا ؟ قال : نعم ، قال : فما منعك } . رواه أبو داود )


الحديث الأول أخرجه أيضا ابن حبان والأثرم ، وفي إسناده يحيى بن كثير الكاهلي ، قال أبو حاتم لما سئل عنه : شيخ . والمسور بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الواو وفتحها ، كذا قيده الدارقطني وابن ماكولا والمنذري . قال الخطيب : يروى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد .

والحديث الثاني أخرجه الحاكم وابن حبان ورجال إسناده ثقات . وفي الباب عن أنس عند الحاكم بلفظ : { كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال الحافظ : وقد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : " قال علي : إذا استطعمك الإمام فأطعمه "

قوله : ( آية كذا وكذا ) رواية ابن حبان : " يا رسول الله إنك تركت آية كذا وكذا " . قوله : ( فهلا ذكرتنيها ) زاد ابن حبان فقال : ظننت أنها قد نسخت ، وقال : فإنها لم تنسخ . قوله : ( فلبس ) ضبطه ابن رسلان بفتح اللام والباء الموحدة المخففة : أي التبس واختلط عليه قال : ومنه قوله تعالى: { وللبسنا عليهم ما يلبسون } قال : وفي بعض النسخ بضم اللام وتشديد الموحدة المكسورة

قال المنذري : لبس بالتخفيف أي مع ضم اللام وكسر الموحدة . قوله : ( فلما انصرف ) ولفظ ابن حبان : { فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي : أشهدت معنا ؟ قال : نعم قال : فما منعك أن تفتحها علي ؟ } والحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وقد ذهبت العترة والفريقان إلى أنه مندوب

وذهب المنصور بالله إلى وجوبه وقال زيد بن علي وأبو حنيفة في رواية عنه أنه يكره . وقال أحمد بن حنبل : أنه يكره أن يفتح من هو في الصلاة على من هو في صلاة أخرى أو على من ليس في صلاة . واحتج من قال بالكراهة بما أخرجه أبو داود عن ابن إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي { لا تفتح على الإمام في الصلاة } .

قال أبو داود : أبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها قال المنذري : والحارث الأعور قال غير واحد من الأئمة أنه كذاب ، وقد روى حديث الحارث عن علي مرفوعا عبد الرزاق في مصنفه بلفظ : [ ص: 380 ] { لا تفتحن على الإمام وأنت في الصلاة } وهذا الحديث لا ينتهض لمعارضة الأحاديث القاضية بمشروعية الفتح ، وتقييد الفتح بأن يكون على إمام لم يؤد الواجب من القراءة وبآخر ركعة مما لا دليل عليه ، وكذا تقييده بأن يكون في القراءة الجهرية

والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقا ، فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب ، وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء كما تقدم في الباب الأول

التالي السابق


الخدمات العلمية