صفحة جزء
باب كراهة أن يصلي الرجل معقوص الشعر

855 - ( عن ابن عباس أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص إلى ورائه فجعل يحله وأقر له الآخر ، ثم أقبل على ابن عباس فقال ما لك ورأسي ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ) .

856 - ( وعن أبي رافع قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص } . رواه أحمد وابن ماجه ، ولأبي داود والترمذي معناه ) .


الحديث الأول أخرجه من ذكر المصنف . وأخرج الأئمة الستة أيضا عن ابن عباس قال . : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرا ولا ثوبا } . وأخرج الشيخان والنسائي وابن ماجه عنه من طريق أخرى نحوه .

والحديث الثاني أخرجه ابن ماجه من رواية مخول سمعت أبا سعد رجل من أهل المدينة يقول : رأيت رافعا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الحسن بن علي رضي الله عنه يصلي وقد عقص شعره فأطلقه أو نهى عنه وقال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره } وأخرجه أبو داود والترمذي وصححه بمعناه كما ذكره المصنف ولفظه عن أبي رافع { أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته فحلها فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال : أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذلك كفل الشيطان } .

وفي الباب عن أم سلمة عند ابن أبي حاتم في العلل بنحو حديث أبي رافع . وعن علي رضي الله عنه عند أبي علي الطوسي . وعن ابن مسعود عند ابن ماجه بإسناد صحيح وعن أبي موسى عند أبي علي الطوسي في الأحكام . وعن جابر عند ابن عدي في الكامل وفيه علي بن عاصم وهو ضعيف

قوله : ( عبد الله بن الحارث ) هو ابن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي وبعدها همزة السهمي شهد بدرا . قوله : ( ورأسه معقوص ) عقص الشعر : ضفره وفتله والعقاص : خيط يشد به أطراف الذوائب ذكر معنى ذلك في القاموس . قوله : ( وأقر له الآخر ) أي استقر لما فعله ولم يتحرك . قوله : ( وهو مكتوف ) كتفته كتفا كضربته ضربا إذا شددت يده إلى خلف كتفيه . موثقا بحبل

والحديثان يدلان على كراهة صلاة [ ص: 393 ] الرجل وهو معقوص الشعر أو مكفوفه . وقد حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا ذلك . قال العراقي : وممن كرهه من الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وحذيفة وابن عمر وأبو هريرة وابن عباس وابن مسعود . ومن التابعين إبراهيم النخعي في آخرين . والحكمة في ذلك أن الشعر يسجد معه إذا سجد وفيه امتهان له في العبادة ، قاله عبد الله بن مسعود فيما رواه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح إليه أنه دخل المسجد فرأى فيه رجلا يصلي عاقصا شعره فلما انصرف قال عبد الله : إذا صليت فلا تعقص شعرك فإن شعرك يسجد معك ، ولك بكل شعرة أجر ، فقال الرجل : إني أخاف أن يتترب فقال : تتريبه خير لك وقال ابن عمر لرجل رآه يصلي معقوصا شعره : أرسله ليسجد معك .

وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح إلى عثمان بن عفان أنه رأى رجلا يصلي وقد عقد شعره قال : يا ابن أخي مثل الذي يصلي وقد عقص شعره مثل الذي يصلي وهو مكتوف . وقد تقدم تمثيل من فعل ذلك بالمكتوف مرفوعا من حديث ابن عباس ، وفيه معنى ما أشار إليه ابن مسعود من سجود الشعر فإن المكتوف لا يسجد بيديه على الأرض ، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : { اليدان يسجدان كما يسجد الوجه } .

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه كان إذا صلى وقع شعره على الأرض وظاهر النهي في حديث الباب التحريم فلا يعدل عنه إلا لقرينة

قال العراقي : وهو مختص بالرجال دون النساء لأن شعرهن عورة يجب ستره في الصلاة ، فإذا نقضته ربما استرسل وتعذر ستره فتبطل صلاتها . وأيضا فيه مشقة عليها في نقضه للصلاة وقد رخص لهن صلى الله عليه وسلم في أن لا ينقضن ضفائرهن في الغسل مع الحاجة إلى بل جميع الشعر كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية